من المخجل والمريع في آن أن نرى من يسمون أنفسهم «قيادة البوليساريو» يتشدقون بكلمات مثل «السلام» و«الحرية»، بينما هم في الواقع يحوّلون مخيمات تندوف إلى مصانع لتنشئة الإرهاب والكراهية. آخر هذه الفصول القاتمة ما يسمونه «عطل سلم» الموجهة إلى أطفال المخيمات، وهي في الحقيقة ليست إلا غطاءً لتجنيد الصغار، غسل أدمغتهم، وإعدادهم ليكونوا وقوداً لمشاريعهم الانفصالية المريبة.
أي سلام هذا الذي يعلّم طفلاً أن عدوه هو جاره؟ أي عطلة هذه التي تنتهي بإجبار صغار في عمر الزهور على ترديد شعارات الكراهية، وحمل صور زعماء مرتزقة، والاستعداد للقتل والتخريب؟
هؤلاء الأطفال، الذين حُرموا من أبسط حقوقهم في التعليم والصحة والكرامة، صاروا اليوم أدوات دعاية في خدمة أجندات مشبوهة. يتم اقتيادهم خارج المخيمات في «رحلات» منظمة تحت إشراف «دول مضيفة» أو «جمعيات متواطئة»، وهناك يتم التلاعب بعقولهم بزعم التضامن والإنسانية. والحقيقة أن هؤلاء الصغار هم رهائن، يُربون على الأحقاد بدل العلم، وعلى الحرب بدل السلم.
ما يحدث في تندوف جريمة بحق الطفولة، جريمة منظمة، لا يعقل أن يلتزم العالم بالصمت أمامها. كيف يقبل الضمير الإنساني بأن تحتجز جبهة مسلحة عشرات الآلاف من المدنيين، وتستخدم أبناءهم وقوداً دعائياً؟ أين منظمات الطفولة العالمية؟ أين لجان حقوق الإنسان؟ أليس اختطاف براءة هؤلاء وتجنيدهم جريمة حرب بمقتضى القانون الدولي؟
الذين يديرون مخيمات تندوف لا يريدون السلام. هم يعتاشون على النزاع، ويبررون وجودهم بمزيد من المآسي. الاستثمار في تعليم الأطفال السلاح والكراهية هو خطتهم للبقاء. فهم يعلمون تمام العلم أن أي حل عادل ونهائي للنزاع يعني نهايتهم السياسية والمالية.
لهذا، نوجه صرخة مدوية: أنقذوا أطفال تندوف! أوقفوا هذا العبث! يجب فضح هذه الأنشطة التي تسمى زورا «عطل سلم» بينما هي برامج ممنهجة لتفخيخ العقول الناشئة. يجب الضغط على من يمول هذه الحملات المشبوهة ويغطيها تحت شعارات إنسانية كاذبة.
إن حماية هؤلاء الأطفال مسؤولية أخلاقية وقانونية. واجب إنساني لا يحتمل التسويف أو الصمت. فكفى خداعًا باسم السلام، وكفى لعبًا ببراءة الصغار!
مؤشرات الأسواق العالمية