ما زالت مدينة آسفي تعيش على وقع فاجعة إنسانية ثقيلة، بعدما ارتفعت حصيلة ضحايا السيول والفيضانات التي ضربت الإقليم إلى 37 قتيلاً، في واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة. أرقام صادمة تعكس حجم المأساة، وتؤكد أن المدينة لم تلتقط بعد أنفاسها من وقع الصدمة.
الفيضانات، التي جاءت نتيجة تساقطات مطرية غزيرة وغير مسبوقة في وقت وجيز، باغتت الأحياء السكنية والطرق، وحوّلت مجاري المياه إلى سيول جارفة جرفت معها سيارات، وأغرقت منازل، وحاصرت عشرات الأسر داخل بيوتها، في مشاهد أعادت إلى الواجهة هشاشة البنية التحتية أمام الظواهر المناخية المتطرفة.
ومع توالي الساعات، بدأت الحصيلة ترتفع تدريجياً، من أرقام أولية محدودة إلى الرقم الثقيل الذي أعلنته السلطات لاحقاً، بعد انتشال جثامين الضحايا من داخل المنازل، أو من مجاري الأودية، أو من سيارات جرفتها المياه. كما جرى نقل عدد من المصابين إلى المستشفيات لتلقي العلاجات الضرورية، بينما استمرت فرق الوقاية المدنية والسلطات المحلية في عمليات البحث والتمشيط، وسط ظروف ميدانية صعبة.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن السيول خلّفت أيضاً خسائر مادية جسيمة، طالت طرقاً ومنشآت وتجهيزات عمومية، إضافة إلى تضرر عدد من الأحياء الهامشية بشكل خاص، ما عمّق من حجم المعاناة الاجتماعية والإنسانية للساكنة المتضررة.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه جهود الإغاثة والإنقاذ، يخيم الحزن على آسفي، وتطرح الفاجعة أسئلة ملحة حول جاهزية المدن لمواجهة التقلبات المناخية، وفعالية شبكات تصريف المياه، وسبل الوقاية من كوارث تتكرر بأثمان بشرية باهظة.
آسفي اليوم لا تحصي فقط ضحايا السيول، بل تحصي جراحاً مفتوحة، وأرواحاً أزهقتها لحظة مطر تحوّلت إلى مأساة، في انتظار أن تكشف التحقيقات والتقييمات المقبلة حجم المسؤوليات، وكيف يمكن تفادي تكرار فواجع مماثلة في المستقبل.











