
يُعد أحمد عصمان أحد الشخصيات البارزة في تاريخ المغرب الحديث، حيث لعب أدوارًا محورية في السياسة المغربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وُلد سنة 1930 بمدينة وجدة، وتلقى تعليمه في المغرب وفرنسا، حيث درس الهندسة في المدرسة الوطنية للجسور والطرق بباريس، قبل أن يدخل عالم السياسة، الذي سيصبح فيه من الأسماء الأكثر تأثيرًا.
برز أحمد عصمان بشكل لافت عندما عيّنه الملك الحسن الثاني رئيسًا للحكومة في 6 نوفمبر 1972، وهو المنصب الذي شغله حتى 22 مارس 1979. خلال هذه الفترة، ركّز على تطوير الاقتصاد الوطني والبنية التحتية، كما كان له دور في تعزيز العلاقات الدبلوماسية للمغرب، حيث شغل في السابق مناصب سفير في ألمانيا الغربية والولايات المتحدة. بعد مغادرته الحكومة، أسس سنة 1978 حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي أصبح قوة سياسية أساسية في المغرب، وساهم في تشكيل عدة حكومات. كان الحزب في بداياته يُنظر إليه ككيان سياسي داعم للدولة ومؤسساتها، حيث استقطب شخصيات من الإدارة ورجال أعمال بارزين.
عُرف أحمد عصمان بقربه من الملك الحسن الثاني، ليس فقط بحكم مناصبه السياسية، ولكن أيضًا لكونه متزوجًا من لالة نزهة، شقيقة الملك. هذه العلاقة جعلته يحظى بثقة القصر، لكنها أيضًا جلبت له انتقادات من خصومه الذين رأوا أن نفوذه السياسي كان مدعومًا بعلاقاته العائلية أكثر من كفاءته السياسية. ومن أبرز القضايا التي أثيرت حوله، صفقة الطائرات في السبعينات، التي يُقال إن إدريس البصري وبعض الأطراف الأخرى كانوا وراء كشف تفاصيلها، حيث تم اتهامه بالتورط في عملية شراء طائرات بشروط غير شفافة، ما أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية في تلك الفترة. ورغم ذلك، لم تؤثر هذه القضية بشكل مباشر على مسيرته السياسية، واستمر في لعب أدوار بارزة داخل الدولة.
على الرغم من الانتقادات، كان عصمان شخصية تحظى بتقدير الكثيرين، حيث كان يُنظر إليه كرجل دولة متزن، ساهم في تحديث المؤسسات السياسية المغربية، خاصة خلال فترة رئاسته لمجلس النواب بين 1984 و1992. ومع نهاية التسعينيات، ومع وفاة الملك الحسن الثاني في يوليو 1999، بدأ عصمان في التراجع عن الأضواء السياسية، ليترك قيادة الحزب لشخصيات أخرى.