دولية

ألمانيا بين الهجرة والسياسة: تصريحات ميرتس تُشعل الجدل وتخرج الشارع للاحتجاج

عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

تصاعدت حدة النقاش في ألمانيا خلال الأيام الأخيرة بعد التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها المستشار فريدريش ميرتس حول تأثير الهجرة على مظهر المدن الألمانية والنسيج الاجتماعي. هذه التصريحات لم تكن مجرد كلمات على الورق، بل فتحت بابًا واسعًا للجدل السياسي والاجتماعي، وأثارت موجة احتجاجات في عدة مدن ألمانية.

شهدت هامبورغ، ماغدبورغ، ونورنبرغ، مظاهرات حاشدة خلال عطلة نهاية الأسبوع، شارك فيها آلاف المواطنين الرافضين لما اعتبروه خطابًا إقصائيًا. رفع المتظاهرون لافتات وهتافات تعبّر عن رفضهم للغة التي يستخدمها المستشار عند تناول قضايا الهجرة، مشيرين إلى أن المهاجرين جزء من المجتمع الألماني ولا يجب ربطهم بالمظهر الحضري للمدن أو الفوضى.

ميرتس أكد أن حكومته تعمل على تصحيح أخطاء الماضي في سياسة الهجرة، لكنه أشار إلى أن “مظهر المدن” يعكس مشكلات تتطلب “ترحيلًا واسع النطاق” للمهاجرين الذين لا يملكون تصاريح إقامة أو عمل. هذه التصريحات أثارت ردود فعل واسعة داخل صفوف الائتلاف الحاكم، حيث حذر بعض السياسيين من أن هذه اللغة قد تزيد الانقسام بدل تهدئة الوضع.

انتقدت منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها منظمة اللاجئين الألمانية “برو أزول”، تصريحات ميرتس ووصفتها بـ”غير المقبولة”، مشيرة إلى أن مثل هذه العبارات قد تعرقل جهود دمج المهاجرين وتزيد شعورهم بالغربة. كذلك أعربت بعض الأحزاب التقدمية عن خشيتها من استخدام الخطاب السياسي كأداة للشحن العاطفي والتقسيم المجتمعي.

تتجاوز القضية مجرد الهجرة إلى نقاش أوسع حول هوية ألمانيا الحديثة. فالبلاد تواجه تحديات ديموغرافية واقتصادية وتحتاج إلى اليد العاملة الأجنبية، في الوقت الذي يزداد فيه الضغط السياسي من تيارات تطالب بتشديد سياسات الهجرة واللجوء. الاحتجاجات الأخيرة تكشف أن النقاش حول الهجرة لم يعد إداريًا أو قانونيًا فقط، بل أصبح مسألة تمس جوهر الهوية الوطنية.

يرى المراقبون أن الحل يكمن في التوازن بين الأمن الاجتماعي وحماية حقوق المهاجرين وكرامتهم. فالخطاب السياسي يجب أن يكون مسؤولًا، بعيدًا عن التعميم والشحن العاطفي، ليصبح أداة لبناء الثقة بدل أن يكون وقودًا للانقسام.

ألمانيا ليست الحالة الوحيدة؛ فالنقاش حول الهجرة يتجدد في فرنسا، إيطاليا، والنمسا، حيث تكافح الحكومات لموازنة الضغوط الداخلية مع الالتزامات الإنسانية. أزمة تصريحات ميرتس تعكس تحديًا أوروبيًا أكبر حول الانتماء والتعددية والمسؤولية الأخلاقية تجاه الآخرين.

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا