
تعيش دول جنوب أوروبا على وقع موجة حرّ استثنائية، اعتُبرت الأقسى منذ سنوات، حيث تجاوزت درجات الحرارة في عدد من المناطق الحدود القصوى المعتادة، مهددةً السكان والبنية التحتية والمجال البيئي. في إسبانيا والبرتغال، سجلت مصالح الأرصاد الجوية درجات حرارة تتراوح بين 40 و43 درجة مئوية، بينما عرفت مناطق الجنوب الإيطالي درجات مماثلة، أجبرت الحكومات على إعلان التأهب واتخاذ إجراءات استباقية.
وأعلنت السلطات في مدريد ولشبونة وروما عن فتح المسابح والمراكز المكيّفة أمام العموم، خصوصاً كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، فيما تم تعليق عدد من الأنشطة الخارجية خلال أوقات الذروة. كما شُرع في تقييد أعمال البناء والتنقلات الميدانية، تفاديًا لوقوع حوادث مرتبطة بالإجهاد الحراري أو الإنهاك.
الحرائق كانت أيضاً من أبرز المخاوف، إذ اشتعلت النيران في مناطق غابية شمال البرتغال ووسط إسبانيا، ما تطلب تدخلاً سريعاً من فرق الإطفاء والدفاع المدني. وتمّ إجلاء عدد من الأسر في مناطق جبلية وعرة بسبب انتشار ألسنة اللهب التي ساعدت الرياح الجافة على تأجيجها.
من جهتها، أطلقت وكالة البيئة الأوروبية تحذيرات من تفاقم أزمة المناخ، مشيرة إلى أن هذه الموجة ليست استثنائية فحسب، بل مؤشر صريح على تحوّل مناخي مستمر يهدد استقرار أنماط الحياة في القارة العجوز. وعبّر باحثون عن قلقهم من الآثار طويلة الأمد على الزراعة والاقتصاد والصحة العامة.
وسط هذا المشهد المتصاعد، تسود حالة من القلق الشعبي والرسمي في آنٍ واحد، في ظل غياب رؤية استراتيجية واضحة لمواجهة آثار التغير المناخي بشكل فعّال، ما يجعل من موجة الحر الحالية جرس إنذار قاسٍ لما قد يُصبح واقعًا متكررا في السنوات القادمة.