
تشهد الأبحاث الطبية في مجال علاج مرض السكري تطوراً نوعياً قد يغيّر شكل العلاج التقليدي بشكل جذري، بعدما اقترب العلماء من ابتكار طرق لإيصال الأنسولين إلى الجسم دون الحاجة إلى الإبر اليومية التي أثقلت كاهل ملايين المرضى حول العالم.
تعود أبرز هذه الابتكارات إلى فرق بحثية في جامعات ومراكز دولية، من بينها جامعة سيدني الأسترالية، التي أعلنت عن تطوير حبّة ذكية قادرة على حمل الأنسولين داخل طبقات نانوية تحافظ عليه حتى يصل إلى الأمعاء، حيث يتم إطلاقه فقط عند ارتفاع مستوى السكر في الدم. هذه الآلية تُعد ثورة حقيقية، لأنها تُجنّب المرضى ألم الإبر اليومية، وتوفر جرعات دقيقة ترتبط مباشرة بنسبة الغلوكوز داخل الجسم.
في السياق ذاته، ظهرت تجارب أخرى تعتمد على جلّ أو كريم جلدي قادر على نقل الأنسولين عبر الجلد دون الحاجة إلى حقن. ويعتمد هذا الابتكار على تقنيات متقدّمة تسمح للجزيئات الدوائية باختراق الجلد والوصول إلى مجرى الدم، وهي تقنية أثبتت نجاحاً أولياً في الاختبارات المخبرية وعلى بعض الحيوانات، ما يفتح الباب أمام تقليل الألم وتبسيط العلاج.
كما تعمل مختبرات أخرى على تطوير كبسولات دقيقة مزوّدة بإبر مجهرية تذوب داخل الأمعاء دون أن يشعر بها المريض، لتطلق الأنسولين بشكل آمن ودقيق. هذا النوع من الكبسولات خضع لاختبارات ناجحة في بعض التجارب الحيوانية، ويُنتظر انتقاله إلى التجارب البشرية خلال السنوات القليلة المقبلة.
ورغم التقدّم المذهل لهذه الأبحاث، تؤكد الهيئات الطبية العالمية أنّ أي علاج بديل للحقن لم يحصل بعد على ترخيص نهائي، وأن جميع هذه التقنيات لا تزال في مراحل التطوير، ما يعني أنّها تُعدّ “ثورة مرتقبة” وليست واقعاً مُتاحاً في المستشفيات بعد. لكنّ الاتفاق العام بين الباحثين أنّ السنوات القادمة ستشهد تحولاً حقيقياً في طريقة إيصال الأنسولين، بعد عقود من الاعتماد الكامل على الإبر التقليدية.
وبين حبوب فموية ذكية، وجلات جلدية مبتكرة، وكبسولات دقيقة واعدة، يبدو المستقبل الطبي أقرب من أي وقت إلى توفير بدائل آمنة وسهلة للأنسولين المحقون، ما سيُغيّر حياة مئات الملايين من المصابين بالسكري حول العالم، ويمنحهم علاجاً أقل ألماً وأكثر دقّة ومرونة.








