تعليم

احتقان متصاعد في قطاع التعليم بعد إقصاء الأطر المختصة من منحة “الريادة” وتحذيرات من نضالات مرتقبة

أثار قرار إقصاء الأطر المختصة من الاستفادة من منحة “الريادة” موجة استياء واسعة داخل صفوف الشغيلة التعليمية بالمغرب، بعدما اعتبرت النقابات التعليمية أن هذا الإجراء يشكل تبخيساً واضحاً لمجهودات هذه الفئة ومساساً صريحاً بمبدأ تكافؤ الفرص، الأمر الذي عمّق منسوب الاحتقان داخل قطاع حيوي يرتبط بشكل مباشر بجودة التعليم واستقراره.
وفي هذا السياق، أوضحت النقابات، وعلى رأسها النقابة الوطنية للأطر المختصة بتاوريرت المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، أن إقصاء الأطر المختصة تم رغم ما تبذله من مجهودات ميدانية كبيرة داخل المؤسسات التعليمية، معتبرة أن حرمانها من تعويضات الريادة يكرس ظلماً واضحاً في حق نساء ورجال التعليم، ويضرب في العمق أسس العدالة التربوية داخل المنظومة.
وبجهات أخرى، من بينها جهة فاس-مكناس، ندد المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم بما وصفه بالإقصاء الجماعي لمؤسسات تعليمية من علامة “الريادة”، معتبراً القرار مدخلاً لإقصاء أوسع للأطر التعليمية دون مبررات واضحة، وفي غياب الشفافية في المعايير المعتمدة لاختيار المستفيدين.
ويرى متتبعون للشأن التعليمي أن الآلية المعتمدة في تقييم المؤسسات من أجل الاستفادة من هذا المشروع لم تكن منصفة، حيث ركزت، بحسبهم، على معايير شكلية مرتبطة بالمؤسسات، بدل تثمين الدور المهني والتربوي الذي تضطلع به الأطر المختصة، وهو ما دفع عدداً من النقابات إلى وصف العملية بغير الواضحة وبتغيب تصور إداري متكامل ومنطقي.
وفي السياق نفسه، عبّر عدد من الأساتذة عبر منصات التواصل الاجتماعي عن استيائهم من حرمان مؤسساتهم من منحة الريادة، رغم التزامهم وتفانيهم في أداء مهامهم التعليمية، مؤكدين أن هذا الوضع ينعكس سلباً على معنويات العاملين بالميدان، ويطرح تساؤلات جدية حول معايير العدالة في توزيع الدعم والتحفيزات.
وتحذر النقابات التعليمية من أن استمرار هذا النهج الإقصائي قد يقود إلى احتقان اجتماعي جديد داخل قطاع التعليم، في حال لم تتراجع الإدارة عن قرارها، داعية إلى مراجعة المعايير المعتمدة، وتوضيح أسس اختيار المؤسسات المستفيدة، فضلاً عن تعميم منحة الريادة بشكل سنوي بدل حصرها في مناسبة واحدة، اعترافاً بالمجهودات المتواصلة للأطر التي تضطلع بأدوار محورية داخل المنظومة التربوية.
ومن المرتقب، بحسب مصادر نقابية، أن تعرف الأيام المقبلة ردود فعل تصعيدية قد تشمل أشكالاً احتجاجية في عدد من الجهات، إذا استمر ما تصفه النقابات بالتهميش والإقصاء غير المبرر، الذي يمس حقوق وكرامة مهنيي التربية والتعليم.
وفي خضم هذا الجدل، أكدت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، عبر بلاغ رسمي، أن آلية تقييم المؤسسات الحاصلة على “شارة مؤسسة الريادة” تعتمد على معايير نوعية ومؤشرات أداء محددة، مشددة على أنها ستفتح قنوات تواصل مع النقابات من أجل رفع أي لبس بخصوص الشروط والمساطر المعتمدة، مع التأكيد على أن الهدف الأساسي من المشروع يتمثل في تحسين جودة التعليم العمومي وجعل مدارس الريادة نموذجاً يحتذى به.
ويأتي هذا الخلاف في ظل تشديد النقابات على ضرورة توسيع قاعدة المستفيدين من المنحة، وجعلها دعماً مستمراً يعكس حجم التضحيات المبذولة من طرف الأطر التعليمية، مع الدعوة إلى فتح حوار جاد ومسؤول يعيد الثقة بين مختلف المتدخلين في القطاع.
ويرى متابعون أن مآل هذا الملف سيشكل اختباراً حقيقياً لقدرة الحوار الاجتماعي على احتواء التوتر داخل قطاع التعليم، في ظل ترقب لاحتمال تصاعد الاحتجاجات في حال غياب حلول ملموسة تستجيب لمطالب الشغيلة التعليمية.

جواد مالك

مدير عام و رئيس تحرير جريدة أهم الأخبار الدولية. أمين عام الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب (فرع المملكة المغربية). أمين سر منظمة أواصر السلام العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا