صحة

البرود الجنسي وضعف الانتصاب.. الأسباب الخفية والحلول الممكنة بين الطب والنفس والحياة اليومية

تُعدّ المشاكل الجنسية لدى الرجال من أكثر القضايا الصحية حساسيةً وصمتًا، إذ يعاني منها عدد كبير من الرجال دون أن يصرّحوا بذلك أو يلجؤوا إلى العلاج خوفًا من الإحراج أو الإحساس بالنقص. ويأتي البرود الجنسي وضعف الانتصاب في مقدمة هذه الاضطرابات، إذ يؤثران سلبًا في الثقة بالنفس والعلاقات الزوجية والاستقرار النفسي، وقد يكونان أحيانًا مؤشرين على أمراض جسدية أو نفسية أعمق.

ما هو البرود الجنسي وضعف الانتصاب؟
يُقصد بالبرود الجنسي أو ما يُعرف طبياً بـ”ضعف الرغبة الجنسية” حالةً يفقد فيها الرجل اهتمامه بالمعاشرة أو لا يشعر بالإثارة رغم وجود الشريك أو الظروف الملائمة. وقد يكون هذا البرود مؤقتًا ناتجًا عن التعب والضغط النفسي، أو دائمًا نتيجة اضطرابات هرمونية أو نفسية مزمنة.

أما ضعف الانتصاب فهو العجز عن تحقيق أو الحفاظ على انتصابٍ كافٍ لإتمام العلاقة الجنسية بصورة طبيعية، ويُعدّ من أكثر الاضطرابات الجنسية شيوعًا بعد سن الأربعين، إلا أنه قد يصيب الشباب أيضًا في بعض الحالات.

الأسباب الجسدية والعضوية
من الناحية الطبية، تتداخل عدة عوامل في حدوث ضعف الانتصاب أو البرود الجنسي، أبرزها:

1. اضطرابات الدورة الدموية: إذ يعتمد الانتصاب على تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية، وأي خلل في الشرايين — مثل تصلبها أو انسدادها — يؤدي إلى ضعف الأداء.

2. السكري وارتفاع ضغط الدم: فهذان المرضان يسببان تلفًا في الأعصاب والأوعية الدقيقة المسؤولة عن الانتصاب.

3. اضطراب الهرمونات: انخفاض هرمون التستوستيرون أو زيادة البرولاكتين يؤثران سلبًا في الرغبة والقدرة الجنسية.

4. الأدوية والعقاقير: بعض أدوية الاكتئاب وضغط الدم تؤثر على الأداء الجنسي كمضاعفة جانبية.

5. السمنة والتدخين والكحول: فكلها تقلل من تدفق الدم وتضعف إفراز الهرمونات الذكرية.

6. أمراض البروستاتا أو الأعصاب الطرفية: وهي من الأسباب العضوية التي يجب تشخيصها طبياً.

الأسباب النفسية والسلوكية:
العامل النفسي لا يقل أهمية عن الجسدي، إذ ترتبط الصحة الجنسية ارتباطًا وثيقًا بالحالة المزاجية والعاطفية. ومن أهم الأسباب النفسية:

القلق من الفشل أثناء العلاقة، وهو ما يُعرف بالقلق الأدائي.
الاكتئاب والتوتر المزمن اللذان يضعفان مراكز المتعة في الدماغ.
الخلافات الزوجية والبرود العاطفي، حيث يؤدي غياب التواصل إلى فتور جنسي متبادل.
الروتين والملل في الحياة الزوجية، ما يجعل العلاقة خالية من التجديد والإثارة.

الآثار النفسية والاجتماعية:

لا تقتصر آثار البرود وضعف الانتصاب على الجانب الجسدي فحسب، بل تمتد لتشمل:

تراجع الثقة بالنفس والشعور بالنقص.

توتر العلاقة الزوجية، إذ تشعر الزوجة بالإهمال أو الرفض، مما قد يخلق فجوة عاطفية.

الانعزال الاجتماعي والاكتئاب لدى الرجل، خاصة إن شعر بعدم قدرته على إشباع زوجته أو الحفاظ على رجولته.

وفي بعض الحالات، يؤدي الصمت عن المشكلة إلى تفاقمها، إذ يتجنب الرجل التواصل الحميم تمامًا، فيتحول الأمر إلى أزمة زواجية صامتة يصعب إصلاحها مع الوقت.

العلاج الطبي والهرموني:

الطب الحديث يقدم حلولًا فعالة ومتنوعة لعلاج ضعف الانتصاب والبرود الجنسي، منها:

1. العلاج الدوائي: مثل الأدوية الفموية المعروفة كمحفزات للانتصاب (الفياغرا، السيلدينافيل، التادالافيل). هذه العقاقير تنشط الدورة الدموية وتساعد على استعادة الأداء الطبيعي، لكنها تحتاج وصفة طبية لتجنب المضاعفات.

2. العلاج الهرموني: في حالات نقص التستوستيرون، يصف الطبيب جرعات تعويضية عبر الحبوب أو الحقن أو الجل الجلدي.

3. الحقن الموضعية والأجهزة المساعدة: تُستخدم في الحالات التي لا تستجيب للأدوية الفموية.

4. الجراحة أو زراعة الدعامة: وهي حل نهائي للحالات المزمنة التي لا تنفع معها العلاجات الأخرى.

العلاج النفسي والسلوكي:

العلاج لا يكتمل دون معالجة الجانب النفسي، لأن القلق والتوتر كفيلان بإفشال أي علاج عضوي. ومن الأساليب الناجحة:

العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد الرجل على تجاوز القلق والخوف من الفشل.

العلاج الزوجي المشترك: حيث تُشرك الزوجة في فهم المشكلة ودعم الحل دون ضغط أو لوم.

تغيير نمط الحياة: من خلال ممارسة الرياضة، تقليل التدخين والكحول، والنوم المنتظم.

كما يُنصح الرجال بتناول غذاء غنيّ بالفيتامينات والمعادن، خصوصًا الزنك والمغنيسيوم وفيتامين D، لأنها تعزز إفراز الهرمونات الذكرية وتحافظ على صحة الأوعية الدموية.

الوقاية وأسلوب الحياة

الوقاية تبدأ من العادات اليومية البسيطة:

الحفاظ على وزن صحي.

ممارسة الرياضة بانتظام لتحسين الدورة الدموية.

تجنب التدخين والمسكرات والمنبهات الزائدة.

التوازن النفسي عبر الراحة والابتعاد عن التوتر.

تقوية التواصل العاطفي والروحي بين الزوجين قبل العلاقة الحميمية.

البرود الجنسي وضعف الانتصاب ليسا قدرًا محتوماً، بل عرضان قابلان للعلاج متى أُدركت أسبابهما الحقيقية. والرجولة لا تُقاس بالقدرة الجسدية فقط بل بالسلوك والمعاملة والقدرة على تجاوز الأزمات مهما كانت.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا