
قد لا نستغرب حينما يسارع النظام الجزائري في بيان له إلى الإصطفاف إلى جانب إيران في الحرب الجارية بينها وبينها إسرائيل بحكم تحالف الشر القائم بينهما. وهو تحالف موجه ضد العالم العربي ونخص بالذكر دول الخليج والمملكة المغربية . وما دام المتحالفان يلتقيان في الأصل على أرضية مناصبة العداء للمغرب، فإننا قد نفهم ذلك الموقف الجزائري ونفهم سياقاته، لكن ما قد يستعصى على فهمه هو تخندق “البجيدي” إلى جانب النظام الجزائري في بيان لذلك الحزب الذي تزامن مع بيان وزارة الخارجية الجزائرية معلنا هو الآخر عن تضامنه مع النظام الملالي بترديد نفس العبارات ونفس الأفكار وكأنهما قد صيغا بقلم واحد وبمداد محبرة واحدة.
فهل يستطيع أن يوضح لنا “البيجيدي” أنه في موقفه ذلك ينطلق من نفس المعادلة التي بنى عليها النظام الجزائري موقفه وهي عدو عدوي صديقي. بمعنى أن إيران مادامت تعادي المغرب فهي حتما صديقة الجزائر. إذن كيف “للبجيدي” الذي هو حزب مغربي أن يسمح لنفسه بأن ينزلق إلى هكذا مواقف مشبوهة تجعله أن يرتمي في أحضان تحالفات مناهضة للمغرب.
وما يعزز هذا التساؤل أن قادة حزب “البيجيدي” يعلمون جيدا أن المغرب لطالما اشتكى من المخططات الإيرانية المناوئة للمغرب منها تدريب انفصاليي البوليساريو سواء في مخيمات تيندوف أو على يد قادة حزب الله فوق الأراضي اللبنانية. فكيف لم يكلف “البيجدي” نفسه أي عناء لمراجعة كل البيانات والتأكيدات التي أعلن عنها المغرب سابقا بخصوص تورط النظام الإيراني في التحرش بالمغرب بالتنسيق مع النظام الجزائري.
ولم يكتف حزب العدالة والتنمية ببيانه الذي أعلن فيه عن تضامنه مع إيران، بل أمينه العام السيد عبدالإله بنكيران كشف ما لم يكشف عنه البيان نفسه وذهب في اتجاه تفسير ما تضمنه بلاغهم وقد أوضح السيد بنكيران أن اصطفافه إلى جانب إيران ينطلق من كون هذا البلد هو الوحيد الذي مازال يدافع عن القضية الفلسطينية.
عن أية مغالطات يتحدث عنها هذا الرجل. فمثلما البيجيدي يدافع عن القضية الفلسطينية بالشفوي كما هو الحال عند النظام الجزائري، فإن إيران هي الأخرى ليس لها من الاستراتيجيات التي تساعد على تحرير فلسطين كما يزعم قادتها في تعدد خطاباتهم وتقليب ألسنتهم، بل همهم الوحيد هو جعل الخليج الفارسي، كما يسمونه، منصة لإحدات تغيير جدري وشامل في منطقة الحليج العربي. وتبقى القضية الفلسطينية مطية للعبور على متنها إلى الحسم في صراع إقليمي، على غرار ما يتخذ البيجدي هو الآخر القضية نفسها للعبور على متنها كذلك في اتجاه العودة إلى السلطة.
موقف البيجيدي كما عبر عنه بيانه وكما يعبر عنه السيد عبدالإله بنكيران يلقي الضوء أكثر من ذي قبل على النوايا التي يحتفظ بها هذا الحزب تجاه المغرب وقضايا المغاربة والتي تؤكد أنها مواقف غير وطنية. ونقيم الحجة في ذلك أن السيد عبدالإله بنكيران لا يتيسر له الحديث إلا في كل ما هو معاد للمغرب ولتوجهاته الدبلوماسية وكأن الرجل غير راض عنها تماما، وما وجد على هذه الأرض إلا ليحاربها. فمن جهة، تجده يهاجم أصدقاء وحلفاء المغرب كفرنسا والولايات المتحدة وبعض دول الخليج كما لسانه طال ويطول على إسرائيل. ومن جهة ثانية تجد السيد عبدالإله بنكيران يثني ويدافع ويتودد لأعداء المغرب.
فالملاحظ في كلتا الحالتين لا يتردد دائما في ترجيح كفة القضية الفلسطينية على القضية الوطنية وكأن لسان حاله يقول إن اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء لا يعنيه في شيء مادامت أنها لا تعترف بالدولة الفلسطينية. وكذلك بالنسبة لإيران فإنه يبني تأييده لها لأنها تناصر القضية الفلسطينية وليس مهما بالنسبة له إن كانت ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية كما عبر عن ذلك مندوب إيران أمام اللجنة الرابعة والعشرين لأمم المتحدة، وهو الإعلان الذي تزامن مع صذور بلاغ “البيجيدي”.
لا يكفي أن يقال أن السيد عبدالإله بنكيران يشتغل خارج السياق الوطني وما يفرضه ذلك من واجب على كل غيور ومحب لهذا الوطن.، بل الأمر قد يتعدى إلى ما هو أخطر. فعن ماذا يبحث هذا الرجل؟ أن يودع في السجن مثلما ما أوحى بذلك لزوجته حينما طالبها بأن تعد له ما يتيح له فرصة تغيير ملابسه حينما أخذته زلة لسان إلى التطاول على المؤسسة الغسكرية. ولربما كما يعتقد أن السجن قذ يكون أرحم به من فضاء كلما كان أرحب للنقاش وفتح النيران عليه كلما ازداد اختناقه. الإيحاء لمن يهمه الأمر بإدخاله السجن واجترار ذلك غير ما مرة لربما قد يكون من باب البحث عن شعبية ضاعت بلا رجعة وإن كان هذا الرجل يراهن في ذلك على حملة مسعورة على إسرائيل وغيرها من أصدقاء المغرب، فعليه الحذر من الارتدادات والتداعيات فهي أخطر .اليوم إيران وغدا سيكون له ناظر والدور على من يتحالف معه بنكيران.
وإن هو راهن كذلك على إيران في الحرب الدائرة بينها وبين إسرائيل فإنه يراهن على سراب لأن طهران لا تحمل مشروعا عربيا ولا إسلاميا بل لها مشروع فارسي شيعي توسعي مدمر للأخضر واليابس. ومن يطعن في إحدى زوجات الرسول عليه السلام لا أستبعد أن يتواطأ في هذه الحرب وتحويلها إلى فرصة للإتيان على إولى القبلتين وثالث الحرمين. أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئا في هذا التقدير.