
التبريمة الصحراوية: الجمال الطبيعي من عمق الصحراء.
في عمق الصحراء المغربية، حيث تلتقي الأصالة بالطبيعة، تولد وصفات تقليدية موروثة عن الجدات تعكس عبقرية المرأة الصحراوية في العناية بالجسم والجمال. من بين هذه الوصفات، تبرز التبريمة الصحراوية كإحدى أسرار الجمال والعناية بالبشرة والجسم، وهي أكثر من مجرد وصفة تجميلية، بل طقس جمالي واجتماعي متجذر في الثقافة الصحراوية.
ما هي التبريمة الصحراوية؟
“التبريمة” هي كلمة محلية تعني الفرك أو التدليك العميق للجسم باستخدام مكونات طبيعية بهدف تنظيف الجلد، إزالة الخلايا الميتة، تفتيح البشرة، وتغذيتها. تعتبر التبريمة جزءاً مهماً من استعدادات المرأة قبل الزواج، أو خلال الحمام الأسبوعي، خاصة في المناسبات.
أصلها الثقافي
تنتمي التبريمة إلى تقاليد المرأة في الجنوب المغربي، خاصة في مدن الصحراء الكبرى مثل العيون، السمارة، الداخلة، بوجدور، وتمثل مزيجًا من التراث الأمازيغي والحساني والعربي. كانت الجدات يحضرن هذه الخلطات ويحتفظن بها، ويُورثنها للأجيال الجديدة ككنز ثمين للعناية بالجسم.
مكونات التبريمة الصحراوية
تعتمد التبريمة على مكونات طبيعية 100%، متوفرة في البيئة الصحراوية أو يتم تحضيرها يدوياً، ومن أبرزها:
الحناء: لتطهير البشرة ومنحها لونا موحدًا.
القرمل (سكر محروق مطحون): لتفتيح المناطق الداكنة.
الخميرة البلدية: لتنشيط الجلد وشد البشرة.
الترمس المطحون: مقشر ومفتح طبيعي.
الحلبة: مغذية ومرطبة.
الورد المجفف المطحون: يعطر ويهدئ الجلد.
الصابون البلدي: لتنظيف عميق.
عصير الليمون أو ماء الورد: لتفتيح البشرة وتنقيتها.
زيت أركان أو زيت الزيتون: للترطيب العميق.
أحيانًا تُضاف عشبة السدر، الطين المغربي، أو العكر الفاسي حسب الرغبة.
طريقة تحضير التبريمة
1. مزج المكونات: تُخلط جميع العناصر الجافة (مثل الحناء، الحلبة، الترمس…) وتُضاف إليها المكونات السائلة (الليمون، ماء الورد، الزيوت) حتى نحصل على عجينة لينة.
2. التخمير: تُترك العجينة قليلاً حتى تتفاعل الخميرة وتطلق خصائصها.
3. التطبيق:
يُحمّى الجسم في الحمام أو “البلدي” لفتح المسام.
تُوزع التبريمة على كامل الجسم وتُترك لمدة 20-30 دقيقة.
يُفرك الجسم بلطف بحركات دائرية باستخدام الليفة الصحراوية أو الكيس المغربي.
يُشطف الجسم بماء دافئ ثم بارد لإغلاق المسام.
فوائد التبريمة الصحراوية
تفتيح البشرة وتوحيد لونها.
إزالة الجلد الميت وتجديد الخلايا.
ترطيب عميق خاصة مع الزيوت الطبيعية.
تحفيز الدورة الدموية بسبب التدليك والفرك.
عطر طبيعي للجسم يستمر لساعات.
إزالة آثار الشمس والبقع الداكنة مع الاستعمال المتكرر.
مكافحة حب الشباب في الجسم بفضل الخصائص المطهّرة لبعض المكونات.
التبريمة في العصر الحديث
رغم توفر مستحضرات تجميل كثيرة، لا تزال التبريمة الصحراوية تحظى بمكانة مرموقة، حتى بين الشابات. بل إن كثيرًا من مراكز التجميل والسبا المغربية والعربية أصبحت تروج لـ”جلسات التبريمة الصحراوية”، وتُصدّر بعض خلطاتها في شكل منتج جاهز.
تجسد التبريمة الصحراوية التقاء الطبيعة بالحكمة النسائية الصحراوية، وهي أكثر من وصفة تجميلية، إنها موروث ثقافي وجمالي يحتفي بالجسد ويمنحه العناية التي يستحقها. وبين رائحة الحناء وزيت الأركان، تعود المرأة إلى ذاتها، مشرقة ومتجددة.