أصبحت الكاميرا الهوائية المعلّقة فوق الملاعب، المعروفة تجارياً باسم “Spidercam” أو “Skycam”، جزءاً أساسياً من تقنيات البث الرياضي الحديثة، إذ غيّرت الطريقة التي يشاهد بها الجمهور المباريات ومنحت المشاهد تجربة بصرية أكثر إثارة وواقعية. تعتمد هذه الكاميرا على نظام متطوّر يقوم على أربعة أسلاك قوية تمتد من زوايا الملعب نحو وحدة تصوير خفيفة الوزن، وتتحكم بها محركات كهربائية دقيقة تسمح بتحريك الكاميرا في جميع الاتجاهات بسرعة وسلاسة، سواء صعوداً أو نزولاً أو تقدماً أو التفافاً حول اللاعبين.
ساهم هذا النوع من الكاميرات في إعطاء بعد جديد للتصوير الرياضي، لأنها توفر زاوية رؤية لم تكن ممكنة من قبل، تجمع بين منظور الطائرة وخفة الحركة. فالمشاهد يحصل على لقطات تحلّق فوق اللاعبين وعلى مقربة من الكرة، وتتابع الهجمات والتحولات التكتيكية من أعلى، مما يمنح إحساساً بأن الشخص يتواجد داخل الملعب نفسه. وقد أصبحت هذه اللقطات من أهم العناصر التي يعتمد عليها المخرجون لإغناء النقل التلفزيوني وإظهار التفاصيل الدقيقة للحركة، خصوصاً في مباريات كرة القدم وكرة المضرب والرجبي.
ويستفيد البث الرياضي من هذه التقنية ليس فقط على مستوى الجمالية، بل كذلك على مستوى التحليل. فاللقطات الجوية التي توفرها الكاميرا المعلّقة تسمح بإظهار شكل تموضع اللاعبين وتمدد خطوط اللعب وتحركات الفرق بشكل أوضح من التصوير الجانبي التقليدي. كما تساعد المحلّلين على شرح الخطط التكتيكية المعقّدة بفضل قدرة الكاميرا على التتبع السلس والتحرك فوق مساحات واسعة بدقة عالية.
من جهة أخرى، تتطلب هذه التقنية مستوى كبيراً من الأمان لضمان عدم تعرض اللاعبين أو الحكام لأي خطر، ولذلك تخضع عملية تركيب الكابلات إلى دراسات هندسية دقيقة وتعمل بأنظمة تحكم تمنع اقتراب الكاميرا لمسافة غير آمنة من سطح الملعب. كما تُستخدم معدات خفيفة جداً ومصنوعة من مواد متينة لتقليل احتمالات السقوط أو التعرض للأعطال. وقد أثبتت التجربة في مختلف البطولات العالمية أن هذه الأنظمة آمنة وفعالة عندما تُدار بالشكل الصحيح.
ورغم التكلفة العالية التي تحتاجها الكاميرا الهوائية من حيث التجهيز والصيانة والفنيين المختصين، فإن العائد البصري والإعلامي الذي توفره يجعلها استثماراً مهماً لشركات البث. فقد أصبحت الجماهير تتوقع هذا النوع من الزوايا الحديثة، بل وتربط الجودة العالية للنقل التلفزيوني بوجود هذه التقنية ضمن معدات الملعب. كما أنها ساعدت في رفع مستوى الإنتاج الإعلامي، سواء في الدوريات المحلية أو المسابقات الدولية الكبرى
