
في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، أصبحت الدبلوماسية أداة استراتيجية لا غنى عنها لحماية المصالح العليا للدول وتعزيز حضورها الدولي. وفي هذا السياق، برزت الدبلوماسية المغربية كنموذج متفرّد يعتمد الاستباقية والوضوح والواقعية في التعامل مع التحولات العالمية، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
المغرب لم يعد ينتظر الأحداث كي يتفاعل معها، بل أصبح يصنع لنفسه موقعاً داخل المشهد العالمي.
فمن تعزيز الشراكات جنوب–جنوب، إلى توسيع دائرة التعاون مع القوى الكبرى، مروراً بالانفتاح على فضاءات جديدة في آسيا وأمريكا اللاتينية، تبنّى المغرب دبلوماسية تشتغل بمنطق المبادرة، وتستشرف المستقبل بدل الارتهان للمفاجآت.
اعتماد المغرب على مقاربة متوازنة جعله شريكاً موثوقاً لدى الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي. كما رسّخ مكانته كقوة استقرار إقليمي في ملفات كبرى، مثل مكافحة الإرهاب، الهجرة، الأمن الطاقي، والتنمية المستدامة.
في زمن الأزمات الاقتصادية، الاضطرابات الأمنية، والتحولات الجيوسياسية، اختار المغرب بناء علاقات متنوّعة تضمن له الاستقلالية في القرار.
كما نجح في تحويل التحديات الدولية إلى فرص استثمارية، خصوصاً في مجالات الطاقات المتجددة، الصناعات المستقبلية، الأمن الغذائي، والدبلوماسية المناخية.
الاستباقية المغربية تجسدت بوضوح في ملف الصحراء المغربية، حيث استطاع المغرب بفضل دبلوماسية نشيطة وواقعية أن يحشد اعترافات دولية واسعة، وأن يفرض مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع.
إن الدبلوماسية المغربية ليست فقط سياسية أو اقتصادية، بل هي أيضاً دبلوماسية إنسانية، تدافع عن الحوار، وترفض منطق الصراعات، وتعمل على بناء الجسور بين الشعوب، مما جعل المغرب وسيطاً موثوقاً في العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
أثبت المغرب أن الدبلوماسية الناجحة ليست مجرد بيانات رسمية، بل هي رؤية، وحكمة، ومبادرات شجاعة. وبين الاستباقية والتحولات العالمية، استطاعت المملكة أن ترسم لنفسها موقعاً قوياً في عالم متغيّر، وأن تقدّم نموذجاً لدولة تعرف كيف تحمي مصالحها وتبني مستقبلها بثبات.







