
أشعل الشعار المثير للجدل الذي تم تصميمه لبطولة كأس إفريقيا للأمم 2025 في المغرب فتيلًا من الانتقادات في الجزائر، حيث اعتُبر من قبل بعض الأوساط الجزائرية مستوحى من التراث الجزائري. هذه الانتقادات تتعلق بشكل الشعار الذي يضم عناصر تشبه الزليج المغربي ويُقال إنه يحمل أيضًا شكل قميص المنتخب الجزائري، مما أثار الجدل حول ملكية هذا الفن العريق. رغم هذه الادعاءات، يبقى الزليج المغربي فنًا تاريخيًا أصيلاً، يعود إلى قرون طويلة ويشكل جزءًا لا يتجزأ من الهوية المغربية.
الزليج المغربي هو فن معماري تقليدي يعكس عراقة الثقافة المغربية. يتميز هذا الفن باستخدام قطع صغيرة من السيراميك الملون التي يتم ترتيبها في أنماط هندسية دقيقة تخلق لوحات زخرفية فنية في غاية الجمال. يعد الزليج أحد أبرز معالم العمارة المغربية ويُستخدم في المساجد، والقصور، والأسواق في مختلف أنحاء البلاد. ورغم أن هذا الفن استخدم في العديد من دول شمال أفريقيا، إلا أن المغرب هو الذي ارتبط به بشكل خاص، حيث يتميز تاريخ الزليج المغربي بالأصالة والابتكار.
يعود تاريخ الزليج إلى العصور الإسلامية في الأندلس، حيث بدأ كفن للزخرفة في القرون الوسطى قبل أن ينتقل إلى المغرب بعد سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر. شهد الزليج تطورًا كبيرًا في المغرب تحت حكم السلالة المرينية في القرن الرابع عشر، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من الفن المعماري التقليدي في البلاد. ويعتبر الزليج المغربي رمزا من رموز الهوية الوطنية والثقافية للمغرب، حيث يمكن العثور على أشهر نماذج الزليج في مدن مثل فاس، مراكش، ومكناس.
ورغم أن الزليج يُستخدم في عدة دول في شمال أفريقيا، إلا أن المغرب يعد مركزًا رئيسيًا لهذا الفن. فقد أصبح الزليج أحد أبرز عناصر الثقافة المغربية التي تزين المعالم التاريخية الشهيرة مثل جامع القرويين في فاس، الذي يعتبر من أقدم الجامعات في العالم. في العصر الحديث، يظل الزليج جزءًا من هوية المغرب، حيث يُستخدم في المباني العامة والخاصة وفي تصميم العديد من الأماكن السياحية.
الجدل الأخير حول الزليج يتعلق بمحاولة بعض الأوساط الجزائرية أن تُنسب إليه على أنه جزء من التراث الجزائري. هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة تاريخيًا، فمحتوى الزليج وأصوله مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمغرب. ومن المستحيل إنكار حقيقة أن الزليج كان ومازال جزءًا أصيلًا من الثقافة المغربية. في هذا السياق، يمكن الاستشهاد بالعديد من الوثائق التاريخية التي توثق بداية استخدام الزليج في المغرب، مثل الكتب التي تناولت تطور الفنون في المغرب خلال فترات حكم السلالات الإسلامية.
على الرغم من أن الزليج موجود في بعض المناطق الجزائرية، إلا أن المغرب هو الذي حافظ على تقاليده بشكل خاص، وأصبحت هذه الفنون جزءًا من الإرث الوطني. يعد الزليج في المغرب ليس مجرد فن معماري، بل هو رمز ثقافي يمثل أصالة التاريخ المغربي. إذًا، في حين قد تتباين الآراء حوله لأسباب سياسية أو ثقافية، تظل الحقيقة التاريخية واضحة: الزليج فن مغربي أصيل، وقد شهد تطورًا مستمرًا داخل حدود المملكة المغربية عبر العصور.