
أظهرت دراسات طبية متعددة أن مرض السكري لا يقتصر تأثيره على الأوعية الدموية والقلب والكليتين فحسب، بل يمتد أيضًا إلى الدماغ، حيث يضاعف من خطر الإصابة بالخرف وألزهايمر. وتشير تقارير بحثية إلى أن مرضى السكري من النوع الثاني معرضون أكثر من غيرهم بنسبة قد تصل إلى ستين في المئة لتطور أعراض الخرف مع التقدم في العمر، كما أن تكرار نوبات انخفاض سكر الدم يزيد من احتمالية تراجع القدرات المعرفية بما يقارب خمسين في المئة وفق بعض الدراسات.
ويفسر العلماء هذه الصلة بعدة آليات؛ أبرزها أن مقاومة الأنسولين، التي تُعد السمة الأساسية للسكري، قد تحدث أيضًا في الدماغ، مما يعيق قدرة الخلايا العصبية على استخدام الغلوكوز كوقود، ويؤدي إلى تراجع في الذاكرة والانتباه. بل إن بعض الباحثين ذهبوا إلى حد وصف مرض ألزهايمر بـ “السكري من النوع الثالث”، في إشارة إلى أن الخلل في استقلاب الأنسولين داخل الدماغ قد يكون عاملًا أساسيًا في تطور هذا المرض.
كما أن الأضرار التي يسببها السكري للأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ تفتح الباب أمام الخرف الوعائي، وهو نوع من فقدان الذاكرة ينتج عن ضعف التروية الدموية الدماغية. وترتفع المخاطر أكثر لدى من يُشخصون بالسكري في سن مبكرة، حيث تزيد سنوات الإصابة الطويلة من احتمالات تراكم المضاعفات المؤثرة في القدرات الذهنية.
ورغم هذه الحقائق المثيرة للقلق، يؤكد الأطباء أن الأمر ليس قدرًا محتومًا، إذ يمكن تقليل المخاطر بشكل ملحوظ عبر التحكم الجيد في مستويات السكر بالدم، وتفادي نوبات نقص السكر، والاعتناء بصحة القلب والأوعية، إضافة إلى اعتماد أسلوب حياة نشط قائم على الحركة، والنظام الغذائي المتوازن، والنوم الكافي. هذه الخطوات الوقائية لا تحمي فقط من مضاعفات السكري الجسدية، بل تمنح الدماغ فرصة أفضل لمقاومة التدهور المعرفي، وتؤخر ظهور الخرف أو تحد من شدته.