في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والحقوقية، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن الصحفي المغربي عبد الصمد البقالي، مراسل وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، بعد أكثر من شهر على احتجازه في ظروف غامضة، وذلك عقب موجة من التنديدات الدولية والمطالبات بالإفراج الفوري عنه. البقالي، الذي كان في مهمة مهنية لتغطية الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، تم اعتقاله عند معبر الكرامة أثناء محاولته دخول الضفة الغربية، دون توجيه اتهامات واضحة، ما فتح الباب أمام العديد من التساؤلات بشأن الخلفيات الحقيقية لهذا التوقيف.
وقد نقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن القرار بالإفراج عن البقالي جاء بناءً على “تقييم أمني جديد”، دون الخوض في تفاصيل الملف أو الكشف عن دوافع الاعتقال. في المقابل، وصفت نقابة الصحافة المغربية هذا الاعتقال بأنه خرق سافر لمبادئ حرية الصحافة وتعدٍّ واضح على استقلالية العمل الإعلامي، خصوصاً أن الصحفي المعني يحمل اعتماداً رسمياً ويعمل مع مؤسسة إعلامية دولية معروفة.
العديد من المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها “مراسلون بلا حدود” و”لجنة حماية الصحفيين”، طالبت بالإفراج عنه فوراً، معتبرة احتجازه جزءاً من سياسة ممنهجة تستهدف التضييق على الصحفيين الأجانب، لا سيما أولئك الذين ينقلون ما يجري في المناطق الحساسة مثل الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أعربت وكالة شينخوا عن قلقها إزاء الحادث وأكدت أن مراسلها كان يقوم بعمله الصحفي وفق القوانين الدولية وبمهنية تامة، معربة عن ارتياحها للإفراج عنه، دون أن تخفي استياءها من ظروف التوقيف والتعتيم الإعلامي الذي رافق القضية.
وقد عاد البقالي إلى المغرب في صمت، دون تصريحات مطولة، مكتفياً بالإشارة إلى أن التجربة كانت قاسية لكنها لن تؤثر في التزامه برسالته الإعلامية. ووسط التكتم حول التفاصيل الدقيقة لما جرى، تبقى الحادثة نموذجاً صارخاً لحجم المخاطر التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع، وللثمن الذي قد يدفعه الصحفي فقط لأنه يحمل قلماً وكاميرا. وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة النقاش المستمر حول ضرورة توفير حماية حقيقية للصحفيين الدوليين وتعزيز الضمانات التي تمنع استهدافهم بسبب عملهم، خصوصاً حين يكونون في مرمى سلطات لا تتردد في خنق الصوت الحر باسم الأمن والرقابة.
