مجتمع

العلب الليلية بين الترفيه والانحراف…جدل لا ينتهي في المجتمع المعاصر

الرباط _ حليمة زروال


في قلب المدن الكبرى، ومع حلول الظلام، تبدأ حياة أخرى تنبض بالأضواء الصاخبة والموسيقى العالية، حيث تفتح العلب الليلية أبوابها لاستقبال روّادها من الباحثين عن المتعة، التحرر، أو الهروب المؤقت من روتين الحياة اليومية. هذه الفضاءات التي كانت تُعتبر يومًا رمزا للرفاهية والسهر الراقي، أصبحت اليوم موضوعًا مثيرًا للجدل بين من يراها متنفسًا حضريًا مشروعًا، ومن يعتبرها بؤرة لانحراف القيم الأخلاقية والاجتماعية.
بين ثقافة السهر وحلم الهروب من الواقع
تُعد العلب الليلية جزءًا من المشهد الثقافي والترفيهي في كثير من المدن حول العالم. فهي توفر فضاءً يجمع بين الموسيقى، الرقص، والمشروبات، وتشكل بالنسبة للبعض فرصةً للتعبير عن الذات وكسر القيود الاجتماعية. الشباب، على وجه الخصوص، يجدون فيها مخرجًا من ضغوط الحياة اليومية وفرصة للقاء الآخرين في أجواء مختلفة عن المقاهي والفضاءات العامة.
لكن خلف الأضواء والضحكات، تختفي أحيانًا حكايات معقدة؛ إذ يجد بعض الرواد أنفسهم منجرفين نحو سلوكيات غير مسؤولة، كتعاطي الكحول أو المخدرات أو الدخول في علاقات سطحية محفوفة بالمخاطر. وهنا يتحول الترفيه إلى فوضى أخلاقية واجتماعية تهدد القيم الأسرية والسلوك المدني.
من الاقتصاد إلى الانحراف… وجهان لعملة واحدة
اقتصاديًا، لا يمكن إنكار أن العلب الليلية تخلق حركة مالية مهمة، فهي توظف مئات العاملين وتدر مداخيل كبيرة من السياحة الليلية. لكن في المقابل، تشير تقارير اجتماعية وأمنية إلى أن بعض هذه الأماكن تتحول إلى فضاءات لترويج الممنوعات أو استغلال الشباب، خاصة القاصرين، في أعمال مشبوهة، مما يجعلها تحت مجهر السلطات الأمنية والرقابية باستمرار.
بين الحرية الفردية والمسؤولية الجماعية
يبقى النقاش الأكبر مرتبطًا بسؤال الحرية الفردية: هل من حق الإنسان أن يسهر كما يشاء ما دام لا يؤذي غيره؟ أم أن للمجتمع الحق في وضع حدود تحمي أخلاقه وثقافته العامة؟
الإجابة ليست بسيطة، إذ تتقاطع فيها القوانين مع القيم، والدين مع الحداثة، مما يجعل العلب الليلية مرآةً تعكس التناقضات العميقة داخل المجتمعات العربية والمغاربية خصوصًا، بين الانفتاح والتمسك بالهوية.
العلب الليلية ستظل موجودة طالما وُجد الإنسان الباحث عن الفرح والانعتاق، لكنها تحتاج إلى تقنين صارم ورقابة مسؤولة، توازن بين حرية الأفراد وأمن المجتمع، وتضمن أن يبقى السهر في حدود الترفيه لا الانحراف.

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا