وطنية

المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب: درع العدالة واستقلال القضاء

يُعد المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب إحدى أبرز المؤسسات الدستورية التي تأسست بموجب دستور 2011، ليكرّس استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، ويؤسس لعدالة شفافة ونزيهة تضمن حقوق المواطنين وتصون كرامتهم. يترأس المجلس جلالة الملك محمد السادس، باعتباره الضامن الأعلى لاستقلال القضاء، فيما يتولى الأستاذ محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض، مهمة الرئيس المنتدب، وهو من يتولى التسيير الفعلي لأشغال المجلس وتتبع تنفيذ قراراته.

يلعب المجلس دورًا حيويًا في الحياة القضائية للمملكة من خلال تدبير المسار المهني للقضاة، من تعيين وترقية وتأديب، وفق معايير الاستحقاق والنزاهة والشفافية، إضافة إلى ضمان استقلال القضاة في إصدار أحكامهم بعيدًا عن أي تأثير أو ضغط. كما يتلقى المجلس شكايات المواطنين المتعلقة بسير العدالة، حيث بلغ عددها في سنة 2023 أكثر من 7500 شكاية، تم التعامل معها عبر الآليات القانونية المتاحة، مما يعكس إرادة المجلس في جعل القضاء في خدمة المواطن. في السياق ذاته، لم يتردد المجلس في إحالة قضاة مخالفين إلى المجالس التأديبية، حيث أحيل 55 قاضيًا خلال نفس السنة، في خطوة تعزز ثقة المواطن في شفافية ونزاهة المؤسسة القضائية.

إلى جانب دوره الإداري والرقابي، يُعتبر المجلس من خلال محكمة النقض المرجعية القانونية العليا في البلاد، حيث أصبحت العديد من الأحكام الصادرة عنها مرجعًا قانونيًا للمحاكم الدنيا في قضايا متعددة، لما تحمله من اجتهادات قضائية رصينة وتفسير متقدم للنصوص القانونية. ويعزى ذلك إلى كفاءة قضاتها ونزاهتهم المشهود لها داخل المغرب وخارجه، ما يجعل من هذه المؤسسة سلطة قضائية حقيقية تُسهم في تطوير الاجتهاد القضائي وتوحيد العمل القضائي الوطني.

ويعمل المجلس أيضًا على تنظيم ندوات وورشات عمل قانونية تُعنى بحقوق المستهلك والضمانات الدستورية، ما يعكس انفتاحه على محيطه المجتمعي وتعزيزه لثقافة القانون. ورغم هذه الإنجازات، لا يزال المجلس يواجه تحديات حقيقية، أبرزها استكمال استقلالية المنظومة القضائية، وتحسين ظروف عمل القضاة، وتحديث البنية التحتية للمحاكم وتسريع وتيرة العدالة الرقمية. وتبقى آفاق التعاون الدولي مع مؤسسات قضائية رائدة جزءاً من رؤيته المستقبلية لتطوير الأداء القضائي.

اليوم، يشكّل المجلس الأعلى للسلطة القضائية درعاً أساسياً لحماية الحقوق والحريات، وضمان سيادة القانون، وتكريس دولة المؤسسات، مما يجعل من القضاء المغربي ركيزة للاستقرار والثقة في دولة القانون.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp Logo قناتنا على الواتساب
اشترك ليصلك كل جديد

اكتشاف المزيد من اهم الاخبار

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا