
لم تعد المرأة السياسية المغربية حضورًا رمزيًا أو تكميليًا داخل المشهد العام، بل أضحت فاعلًا مركزيًا في صناعة القرار، وركيزة أساسية في مسار البناء الديمقراطي الذي اختاره المغرب نهجًا ثابتًا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من تمكين المرأة خيارًا استراتيجيًا لا رجعة فيه.
لقد أثبتت المرأة المغربية، من خلال تقلدها لمناصب وزارية وبرلمانية وجماعية ودبلوماسية، أنها قادرة على تحمل المسؤولية السياسية بكفاءة واقتدار، وأنها تمتلك من الحكمة والصلابة ما يجعلها شريكًا حقيقيًا في تدبير الشأن العام، لا مجرد رقم في معادلة التمثيلية.
إن خصوصية التجربة المغربية تكمن في كون المرأة السياسية لم تنفصل يومًا عن هوية المجتمع المغربي ولا عن ثوابته الوطنية، بل نجحت في التوفيق بين الحداثة والأصالة، وبين المطالبة بالحقوق وتحمل الواجبات، وبين الجرأة في الموقف والالتزام بالمصلحة العليا للوطن. فكانت نموذجًا للمرأة القائدة التي تمارس السياسة بأخلاق المسؤولية، لا بمنطق الصراع أو الإقصاء.
كما لعبت المرأة السياسية المغربية دورًا متقدمًا في الدفاع عن قضايا المغرب العادلة، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، داخل المحافل الدولية والإقليمية، حيث برزت أصوات نسائية وازنة قدّمت صورة مشرفة عن مغرب قوي بمؤسساته، غني بتعدديته، ومؤمن بدور المرأة كشريك كامل في صياغة المستقبل.
ولا يمكن الحديث عن المرأة السياسية المغربية دون التوقف عند روح النضال والصبر التي وسمت مسارها، فقد واجهت تحديات ثقافية واجتماعية وسياسية، لكنها اختارت أن تحوّل التحدي إلى فرصة، والعقبات إلى سلّم للنجاح، لتؤكد أن الكفاءة لا جنس لها، وأن الوطنية تُقاس بالفعل لا بالانتماء.
إن الرهان اليوم لم يعد في إثبات أهلية المرأة السياسية المغربية، فقد حسمت ذلك بالعمل والممارسة، بل في تعزيز حضورها النوعي، وتمكينها من أدوات القرار، وتكريس ثقافة سياسية تؤمن بأن نهضة المغرب لا تكتمل إلا بمشاركة نسائه في القيادة والتوجيه.
هكذا تظل المرأة السياسية المغربية قيمة مضافة حقيقية، وضميرًا وطنيًا حيًا، وصوتًا عاقلًا داخل معترك السياسة، تسهم في ترسيخ دولة المؤسسات، وتحصين الاختيار الديمقراطي، وبناء مغرب المستقبل بثقة ومسؤولية.




