صحةمجتمع

المساعد الطبي: مهنة تحت الضغط بين الظلم والممارسات الخاطئة

أهم الأخبار

في منظومة الصحة، يقف المساعد الطبي كأحد أعمدة العمل اليومي في العيادات والمستشفيات. مهامه لا تقتصر على الاستقبال أو تجهيز الملفات الطبية، بل تمتد إلى المساعدة في الإجراءات الطبية البسيطة، وتعقيم المعدات، وتنظيم المواعيد، وضمان نظافة المكان. ورغم هذا الدور الأساسي، يعاني العديد من العاملين في هذا المجال من التهميش، قلة التقدير، والظلم، مما يضعهم في دائرة صراع مستمر بين تفانيهم في العمل والضغوط التي يتعرضون لها.

تروي سندس، وهو اسم مستعار، قصتها التي تجسد مأساة العديد من المساعدين الطبيين. بدأت حياتها المهنية بشغف كبير ورغبة في تقديم العون للمرضى. التحقت بالعمل في عيادة خاصة بعد تكوين بسيط في التمريض، وسرعان ما أثبتت كفاءتها في أداء المهام المتعددة التي كُلفت بها. لكنها اكتشفت سريعاً أن البيئة العملية لا تقدّر هذا التفاني، حيث كانت تتعرض للإهانة من حين لآخر بسبب أخطاء بسيطة، بينما كانت مطالبها بتحسين ظروف العمل أو زيادة الأجر تُقابل بالتجاهل.

بعد سنوات من العطاء، جاءت الصدمة الكبرى عندما واجهت سندس اتهاماً بالسرقة دون دليل واضح. تقول بأسى: “كان الأمر أشبه بطعنة في الظهر. كنت أعمل بكل تفانٍ، وفجأة وجدت نفسي متهمة بما لم أفعله، فقط لأنهم أرادوا التخلص مني دون أن أحصل على حقوقي”.

لكن في ظل هذه المعاناة، لا يمكن إنكار أن بعض الممارسات الخاطئة التي تصدر عن عدد من المساعدين قد تُعقد العلاقة بين الطبيب ومساعده. في بعض الحالات، يلجأ المساعد إلى الضغط على الطبيب من خلال التهديد بترك العمل إذا لم يتم رفع الأجر، أو تقليل الأداء بشكل متعمد للتعبير عن الاحتجاج. وفي حالات أخرى أكثر خطورة، يُستغل غياب الرقابة لاختلاس أموال أو أدوات طبية، مما يسيء لسمعة المهنة بأكملها.

هذه السلوكيات، وإن كانت فردية، تؤثر سلباً على بيئة العمل وتخلق انعدام ثقة بين الطبيب والمساعد. وفي الوقت نفسه، فإن الظروف الصعبة التي يعمل فيها المساعد الطبي تساهم بشكل كبير في دفع البعض نحو هذه السلوكيات، خاصة في ظل غياب الإطار القانوني الذي يضمن حقوقهم.

إن حل هذه الإشكالية يتطلب توازناً بين حقوق المساعد الطبي وواجباته. من جهة، يجب تحسين ظروف العمل، مثل توفير أجور عادلة وساعات عمل معقولة، مع وضع تشريعات تحميهم من الظلم أو الفصل التعسفي. ومن جهة أخرى، يجب وضع آليات رقابة لضمان الالتزام بالمهنية واحترام علاقة الشراكة بين الطبيب والمساعد.

قصة سندس تظل نموذجاً لواقع يعاني منه الكثيرون، لكنها في الوقت نفسه دعوة للتغيير. الطبيب والمساعد الطبي شريكان أساسيان في تقديم الرعاية الصحية، وأي خلل في هذه العلاقة ينعكس سلباً على المنظومة الصحية بأكملها. تحسين هذه العلاقة يبدأ من تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل، ووضع قوانين عادلة تحمي حقوق الطرفين، بما يضمن بيئة عمل صحية تُقدر الجميع وتحفزهم على أداء دورهم بأفضل طريقة ممكنة.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اهم الاخبار

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا