تواجه المملكة المغربية عامًا جديدًا على وقع استمرار الجفاف والإجهاد المائي، حيث يعاني العالم القروي، خاصة في المناطق المتأثرة بشح الموارد المائية، من تداعيات هذا الوضع البيئي الحرج. تراكم ست سنوات من الجفاف أدى إلى انخفاض مقلق في مستويات الفرشة المائية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للقطاع الفلاحي ويضع الاقتصاد الوطني أمام تحديات جديدة.
تحولات في ديناميات النمو الاقتصادي
رغم تأثيرات الجفاف، يسجل الاقتصاد المغربي تقدمًا في قطاعات أخرى تعزز من قدرته على تحقيق معدلات نمو مستقرة. المحلل الاقتصادي محمد جدري أكد أن فرضيات تحقيق نمو بنسبة 4.7% خلال عام 2025 تعتمد على استقرار أسعار الطاقة عالميًا وموسم فلاحي متوسط. ومع ذلك، أشار إلى أن الاقتصاد بات أقل اعتمادًا على القيمة المضافة الفلاحية، مستفيدًا من قطاعات مثل الصناعات الاستخراجية، وصناعة السيارات والطائرات، والسياحة.
القطاع الفلاحي: رهينة المناخ
لا يزال القطاع الفلاحي يتأثر بشكل كبير بسخاء الأمطار، ما يجعل تحقيق إنتاجية عالية أمرًا غير مضمون. الخبير الفلاحي رياض أوحتيتا أشار إلى أن تأخر التساقطات المطرية خلال بداية الموسم الفلاحي أضر بالزراعات البورية، مشيرًا إلى احتمالية تكرار سيناريو السنوات الماضية من حيث ضعف إنتاج الحبوب، مع تركّز الإنتاج في مناطق الشمال والغرب.
استراتيجيات جديدة للتكيف مع التحديات
تعمل المملكة على تعزيز استراتيجياتها لمواجهة تأثيرات الجفاف، من خلال:
إدارة المياه: تسريع تنفيذ المخطط الوطني للماء لضمان التحكم في الموارد المائية بحلول عام 2027.
التنوع الاقتصادي: الاستثمار في قطاعات غير فلاحية لتعزيز النمو وخلق فرص عمل جديدة.
الابتكار الزراعي: تبني تقنيات زراعية حديثة لمواجهة التغيرات المناخية وتحسين كفاءة استخدام المياه.
التطلعات المستقبلية
يرى الخبراء أن تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد سيكون ممكنًا ابتداءً من عام 2028، عندما تصبح المملكة أكثر تحكمًا في الموارد المائية والطاقة. وحتى ذلك الحين، يبقى الرهان على تعزيز القطاعات غير الفلاحية لتحصين الاقتصاد الوطني ضد تأثيرات الجفاف.
الخلاصة
يواجه المغرب تحديات جسيمة بسبب تغيرات المناخ، لكنه يمضي قدمًا بخطى ثابتة نحو تنويع اقتصاده وتعزيز مرونته. ومع مواصلة الجهود لتحقيق الاكتفاء المائي وتنمية القطاعات الصناعية والخدمية، تبدو المملكة مستعدة لتحويل أزماتها إلى فرص تنموية مستدامة.