
في خطابه السامي بمناسبة افتتاح البرلمان يوم 10 أكتوبر 2025، وجّه جلالة الملك محمد السادس نصره الله رسائل عميقة تؤكد مرة أخرى أن الشباب المغربي هو القلب النابض لمشروع التنمية، وأن تمكينه من الإسهام في بناء الوطن لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية واستراتيجية.
فالملك، وهو يضع خريطة طريق جديدة للمرحلة المقبلة، شدّد على ضرورة تشجيع المبادرات المحلية وخلق فرص الشغل للشباب، باعتبار ذلك حجر الزاوية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. لم يكن الخطاب مجرّد توجيه سياسي، بل نداء صادق إلى المؤسسات المنتخبة والحكومة لتجاوز الخطابات الموسمية، والانخراط الجدي في سياسات تُنصف الشباب وتستثمر في طاقاتهم الإبداعية.
وقد لامس الخطاب بُعدًا فلسفيًا حين أعاد التذكير بأن التنمية لا تُقاس بالمشاريع فقط، بل بمدى إشراك الإنسان في صياغتها. وهنا يستحضرنا قول الفيلسوف جان جاك روسو: “إن الأمة التي لا تُشرك أبناءها في صنع حاضرها، تُسلم مستقبلها للصدفة.” وهي فكرة تتقاطع تمامًا مع الرؤية الملكية التي تعتبر أن التحول التنموي المنشود “يتطلب تعبئة جميع الطاقات وتغيير العقليات وترسيخ ثقافة النتائج”.
إن الخطاب الملكي لم يُجدد الثقة في الشباب فحسب، بل أعاد تعريفه كمحرك أساسي للتغيير، وكشريك فاعل في بناء مغرب العدالة والكرامة.
فبقدر ما دعا جلالته إلى تعبئة المؤسسات، دعا أيضًا إلى تعبئة الأمل، لأن مستقبل المغرب لا يُكتب إلا بأيدي شبابه، وعبر إيمان حقيقي بقدرتهم على صنع الغد الأفضل.
“حين يؤمن الوطن بشبابه، يصنع بهم المستقبل الذي يستحقه؛ فالشباب ليسوا انتظارات الغد، بل صُنّاع اليوم.”