سياحة

المنتجات التجميلية المغربية القديمة

الرباط _ حليمة زروال

المنتجات التجميلية المغربية القديمة ذات الطابع الطبيعي: سر الجمال الأصيل
منذ قرون طويلة، اشتهرت المرأة المغربية بجمالها الطبيعي وسحر ملامحها الفريد، وهو جمال لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تقاليد متوارثة وعناية دقيقة بالبشرة والشعر والجسد. فالمنتجات التجميلية المغربية القديمة لم تكن مجرد أدوات للزينة، بل طقوسًا روحانية وثقافية تُجسّد علاقة المرأة بجسدها وبالطبيعة من حولها.
1. الجمال في قلب الطبيعة المغربية
تتميز الأراضي المغربية بتنوع بيئي فريد، من جبال الأطلس إلى الصحراء الواسعة وسواحل الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. هذا التنوع جعل المغرب غنياً بالنباتات والأعشاب والزيوت الطبيعية، التي كانت أساس أسرار الجمال المغربي.
اعتمدت النساء على كل ما تقدّمه الأرض: من الزيتون والحناء إلى الورد والزعفران والطين. ولم تكن هذه المكونات مجرد مواد تجميلية، بل رمزاً للنقاء والطبيعة والأنوثة الأصيلة.
2. الطين المغربي (الطين البلدي أو الغاسول): سر النقاء والتطهير
يُعدّ الغاسول المغربي من أبرز الكنوز الطبيعية في عالم الجمال. يُستخرج من جبال الأطلس، ويُعرف بقدرته الفائقة على تنظيف البشرة والشعر دون تجفيفهما.
كانت النساء تخلطن الغاسول بماء الورد أو بزيت الأركان، ويستخدمنه كقناع للوجه أو كغسول للشعر، يمنحه لمعانًا ونعومة طبيعية.
3. ماء الورد وورد مراكش: عبير النقاء والأنوثة
من مدينة قلعة مكونة، عاصمة الورد بالمغرب، يأتي ماء الورد الطبيعي الذي لطالما استُعمل كمنعش للبشرة وعطر للجسد.
كانت النساء يرشن ماء الورد بعد الحمام المغربي لتلطيف البشرة وتعطيرها، كما يدخل في وصفات عديدة للعناية بالوجه لما له من خصائص مهدئة ومفتحة.
4. الحناء: رمز الجمال والبركة
الحناء ليست مجرد صبغة طبيعية للشعر أو للرسم على اليدين، بل طقس احتفالي وجمالي متجذر في الثقافة المغربية.
كانت تُستخدم لتقوية الشعر وتغذيته، وتمنحه لوناً طبيعياً ولمعاناً صحياً. كما تُستعمل لتزيين اليدين والقدمين في المناسبات كرمز للفرح والأنوثة.
5. زيت الأركان: الذهب السائل للمغاربة
قبل أن يعرفه العالم الحديث، كان زيت الأركان جوهرة خفية في ريف المغرب، خصوصًا في مناطق سوس.
تستخرج النساء الأمازيغيات الزيت من ثمار شجرة الأركان بعناية كبيرة، ويُستخدم لترطيب البشرة والشعر، ومحاربة التجاعيد، وتقوية الأظافر.
هذا الزيت الطبيعي كان عنوان الفخامة البسيطة التي تجمع بين الفائدة والجمال.
6. الكركم والزعفران: من المطبخ إلى الجمال
استعملت النساء الكركم لتوحيد لون البشرة وتفتيحها، ولعلاج الحبوب والالتهابات. أما الزعفران الحر، فكان رمزاً للرقيّ والنقاء، يدخل في أقنعة الوجه ليمنح إشراقة طبيعية وتوهجاً ملكياً.
7. الحمّام المغربي: طقس الطهارة والجمال
الحمّام المغربي كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من هوية المرأة المغربية.
يبدأ الطقس بصابون بلدي أسود مصنوع من الزيتون، يُستخدم لتقشير الجسم، يليه الغاسول لتطهير الجلد، ثم تُختتم الجلسة بدهن الجسم بزيت الأركان أو بزيت الورد.
كانت هذه الطقوس الأسبوعية لحظة استرخاء وجمال داخلي وخارجي في آنٍ واحد.
8. عطور تقليدية: من العنبر إلى المسك.
لم تكن العطور الصناعية معروفة قديماً، بل كانت النساء يصنعن عطورهن بأنفسهن من العنبر والمسك وماء الورد والعود، تُخلط بطرق تقليدية وتُحفظ في قوارير صغيرة تعبق بالأصالة.
9. الجمال كهوية وثقافة
لم تكن المرأة المغربية القديمة تبحث فقط عن الجمال الخارجي، بل عن توازن بين الجسد والروح والطبيعة.
جمالها كان انعكاساً لطريقتها في العيش، لتواضعها وقربها من الأرض، ولحكمتها في اختيار ما هو طبيعي وآمن.
اليوم، رغم غزو المنتجات الصناعية للأسواق، لا تزال النساء المغربيات يفتخرن بجمال مستمد من الطبيعة، وبإرث تجميلي عمره قرون.
المنتجات التجميلية المغربية القديمة ليست مجرد مكونات، بل فلسفة قائمة على البساطة، والاحترام العميق للطبيعة، والإيمان بأن الجمال الحقيقي يبدأ من الداخل.

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا