
يعد المهدي المنجرة أحد أبرز المفكرين المغاربة والعرب في القرن العشرين. ولد في 13 يناير 1933 في مدينة فاس بالمغرب، واعتُبر من أبرز العلماء والمفكرين الذين اهتموا بقضايا التنمية المستدامة، والحداثة، والعلاقات الدولية. لم يكن المنجرة مجرد مفكر أكاديمي، بل كان أيضًا ناشطًا سياسيًا ومثقفًا عالميًا، استطاع أن يجسد بُعدًا فكريًا عميقًا في قضايا العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص.
درس المهدي المنجرة في المغرب، ثم في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تخصص في مجالات متعددة، أبرزها الدراسات المستقبلية، التنمية، وفلسفة العلوم. جمع بين تخصصه الأكاديمي والدور الذي قام به في دعم قضايا العالم الثالث، خاصةً في ظل الظروف السياسية والاجتماعية التي مرت بها العديد من الدول العربية.
من أبرز أعماله التي لاقت تأثيرًا واسعًا هو كتابه الشهير “نهاية العالم الثالث”، الذي نشر عام 1976. في هذا الكتاب، تناول المنجرة الوضع المأساوي الذي يعيشه العالم الثالث نتيجة التبعية الاقتصادية والثقافية للعالم الغربي، حيث رسم صورة قاسية لعلاقة الشمال بالجنوب، منتقدًا السياسات الاستعمارية الحديثة التي تستمر في الهيمنة على الدول النامية. كما دافع عن ضرورة إعادة بناء النظام العالمي وفقًا لأسس أكثر عدالة، مع التركيز على التنمية البشرية والابتكار العلمي.
تميز المهدي المنجرة بنقده اللاذع للحداثة الغربية، حيث كان يرى أن الغرب يسعى إلى فرض نموذجه الثقافي والاقتصادي على باقي الأمم دون مراعاة لخصوصياتها الثقافية والتاريخية. كان يؤمن بأهمية تحرير الفكر العربي من التقليدية الموروثة، والتطلع إلى المستقبل بإبداع وحلول محلية تتماشى مع احتياجات الشعوب.
بالإضافة إلى اهتمامه بالقضايا الفكرية والفلسفية، كان المنجرة مدافعًا شرسًا عن حقوق الإنسان، حيث كان يؤمن بأن التنمية الحقيقية لا تتحقق دون احترام حقوق الأفراد وحرياتهم. واهتم أيضًا بقضية التعليم، إذ كان يراها مفتاحًا لتقدم المجتمعات، ودعا إلى إصلاح الأنظمة التعليمية في العالم العربي لتواكب التطورات العالمية.
كان للمهدي المنجرة تأثير كبير في المجتمع الأكاديمي والسياسي، فقد شارك في العديد من المؤتمرات الدولية، وكتب مقالات عدة تناولت قضايا الساعة من منظور نقدي بعيد عن التقوقع الثقافي. كما أن رؤيته للمستقبل جعلته يتطرق إلى العديد من القضايا التقنية والبيئية، حيث نبه إلى المخاطر التي قد تواجه البشرية نتيجة للتطورات التكنولوجية غير المسؤولة.
توفي المهدي المنجرة في 13 يونيو 2014، لكنه ترك إرثًا فكريًا غزيرًا سيظل محل تقدير وتفكير طويل. من خلال مؤلفاته ومحاضراته، لا يزال يُعتبر مرجعًا مهمًا لفهم التحديات التي يواجهها العالم العربي والإسلامي في العصر الحديث، بالإضافة إلى تقديمه لرؤية نقدية حول مستقبل العالم.