صحة

النظام الغذائي الكوكبي… وصفة لإنقاذ الملايين وحماية كوكب الأرض

في خطوة علمية لافتة، كشف باحثون من لجنة EAT–Lancet عن ما يُعرف بـ «النظام الغذائي الكوكبي الصحي»، وهو نموذج غذائي جديد يُتوقع أن يُحدث ثورة في مفهوم التغذية والصحة العامة، إذ تشير التقديرات إلى أن اعتماده عالمياً قد يُنقذ ما يقارب 15 مليون إنسان من الوفاة المبكرة سنوياً.

هذا النظام لا يقتصر على محاربة الأمراض فحسب، بل يهدف أيضاً إلى حماية البيئة من التدهور الناتج عن أساليب الإنتاج الغذائي الحالية. فهو يجمع بين صحة الإنسان واستدامة الأرض، في معادلة توازن دقيقة تسعى إلى تأمين غذاء صحي دون استنزاف موارد الطبيعة.

يرتكز النظام على الأغذية النباتية المتنوعة مثل الحبوب الكاملة، الخضراوات، الفواكه، المكسرات، والبقوليات، مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان إلى الحد الأدنى، والاعتماد على الأسماك كمصدر بروتيني أساسي. كما يدعو إلى الابتعاد عن الأطعمة المصنعة، والسكريات المضافة، والدهون الضارة، التي تشكل اليوم السبب الرئيس وراء تفشي الأمراض المزمنة حول العالم.

ويؤكد الخبراء أن التحول نحو هذا النمط من التغذية قد يؤدي إلى تراجع كبير في معدلات أمراض القلب والسكري والسرطان، فضلاً عن دوره في خفض انبعاثات الكربون وتقليص الهدر الغذائي، ما يجعله خطوة إنسانية وبيئية في آن واحد.

دراسات حديثة من جامعة هارفارد أشارت إلى أن الالتزام بالنظام الغذائي الكوكبي مرتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكرة بنسبة تصل إلى 30 في المئة، وهو ما يعزز مكانته كأحد أهم الحلول الممكنة لأزمة الصحة العالمية.

لكن تطبيق هذا النموذج يواجه تحديات عملية واقتصادية، أبرزها تغيير أنماط الاستهلاك والسياسات الزراعية في مختلف الدول، وضمان توافر الأغذية الصحية بأسعار معقولة للجميع، خاصة في البلدان الفقيرة. كما يشدد العلماء على ضرورة التدرج في التطبيق، لتفادي نقص بعض العناصر الغذائية المهمة مثل فيتامين B12 والحديد.

إن «النظام الغذائي الكوكبي الصحي» يمثل ثورة هادئة في عالم التغذية، تدعو الإنسان إلى العودة إلى الطبيعة باحترام ووعي، وتضع الصحة في قلب الاستدامة. إنه أكثر من مجرد طريقة للأكل، بل رؤية عالمية نحو مستقبل يعيش فيه الإنسان في انسجام مع الأرض، حيث يكون الغذاء سبباً للحياة… لا سبباً للهلاك.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا