أخبار دوليةسياسة

اليابان تُطلق إنذاراً دبلوماسياً بعد “مناوشات جوية” مع الصين.. وتصاعدُ القلق من شرارة تُشعل شرق آسيا

في تطورٍ جديد يُنذر باتساع رقعة التوتر في شرق آسيا، دخلت العلاقات اليابانية-الصينية مرحلة أكثر حساسية عقب مناوشات جوية خطيرة بين مقاتلات البلدين فوق المياه القريبة من أوكيناوا، وهي منطقة تشهد منذ سنوات تنافساً محتدماً على النفوذ العسكري بين بكين وطوكيو.

فور وقوع الحادثتين الجويتين، أقدمت وزارة الخارجية اليابانية على استدعاء السفير الصيني في طوكيو وتوجيه احتجاج رسمي شديد اللهجة، مؤكدة أنّ الطائرات الصينية قامت بإجراءات عدائية خطيرة، من بينها توجيه رادار الإطباق القتالي نحو مقاتلات يابانية، وهو ما اعتبرته طوكيو تصعيداً يهدد سلامة طياريها ويخلّ بالتوازن العسكري في المنطقة. الصين، من جهتها، نفت الاتهامات اليابانية واعتبرت أنّ طوكيو هي التي اقتربت من مجال تدريباتها العسكرية، متهمةً القوات الجوية اليابانية بخلق “اضطرابات غير مبررة”.

التوتر الأخير جاء في سياق سياسي مشحون، خاصة بعد تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي التي قالت فيها إنّ أي هجوم صيني على تايوان سيُعتبر “تهديداً وجودياً لليابان”، وهو تصريح أثار غضب بكين وعزّز المخاوف لدى مراقبين من احتمال انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة. كما ترى اليابان أنّ تعزيز الصين لتحركاتها العسكرية في بحر الصين الشرقي، واقتراب طائراتها من المجال الجوي الياباني، يشكل تحدياً مباشراً لأمنها القومي.

الولايات المتحدة دخلت على الخط، حيث أعربت واشنطن عن دعم كامل لليابان وانتقدت “السلوك العسكري التصعيدي” للصين، مؤكدة التزامها بالتحالفات التي تجمعها بطوكيو، في رسالة واضحة لبكين بأنّ أي تغيير في موازين القوة بالمنطقة لن يمرّ بسهولة.

ورغم أن بعض التقارير المتداولة تحدثت عن مطالبة طوكيو لحلف شمال الأطلسي بالتدخل، فلا يوجد أي تأكيد رسمي على طلبٍ مماثل. إلا أنّ التعاون الأمني المتزايد بين اليابان والناتو في السنوات الأخيرة يجعل هذا الاحتمال مطروحاً في إطار التنسيق الدفاعي وليس التدخل المباشر. ويرى محللون أن الحادث الجوي الأخير ليس سوى حلقة جديدة من سلسلة الاحتكاكات بين الصين واليابان، وأن استمرارها قد يقود إلى أخطر مواجهة عسكرية في المنطقة منذ عقود، لاسيما في ظل التجاذب القائم حول تايوان وطرق الملاحة الحيوية.

تعكس التطورات المتسارعة شرق آسيا هشاشة التوازن الاستراتيجي في واحدة من أكثر المناطق حساسة في العالم. فاليابان تشعر بضغط عسكري متزايد من الصين، والصين تعتبر التحالفات اليابانية-الغربية تهديداً لمجالها الحيوي، وبينهما تقف الولايات المتحدة كلاعب حاسم يعيد تشكيل خرائط النفوذ. التوتر قائم، الأعصاب مشدودة، وأي خطأ تكتيكي قد يُحوّل مناوشة جوية إلى أزمة دولية واسعة النطاق.

جواد مالك

مدير عام و رئيس تحرير جريدة أهم الأخبار الدولية. أمين عام الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب (فرع المملكة المغربية). أمين سر منظمة أواصر السلام العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا