في تطور جيولوجي نادر أثار اهتمام العلماء حول العالم، أعلنت تقارير علمية حديثة عن استيقاظ بركان “تفتان” الإيراني الواقع في محافظة سيستان وبلوشستان، جنوب شرق البلاد، بعد سباتٍ استمر أكثر من سبعمائة ألف عام. هذا البركان الذي كان يُصنف ضمن البراكين المنقرضة، أظهر مؤشرات غير مسبوقة على عودة النشاط في جوفه العميق، بعدما سجلت الأقمار الصناعية ارتفاعًا في قمته يقارب تسعة سنتيمترات خلال الأشهر الأخيرة، إلى جانب رصد انبعاثات غازية كبريتية على مسافات بعيدة.
ويُعد “تفتان” من أكبر البراكين النشطة في الهضبة الإيرانية، إذ يبلغ ارتفاعه نحو أربعة آلاف متر فوق سطح البحر، ويقع بالقرب من الحدود مع باكستان في منطقة شبه صحراوية قليلة السكان. غير أن هذا الهدوء الطويل الذي دام مئات آلاف السنين بدأ يتغير تدريجيًا، بعدما كشفت صور الأقمار الصناعية ومعطيات الرصد الجوي عن نشاطٍ حراريٍّ متزايد في فوهته، ما دفع العلماء إلى إعادة النظر في تصنيفه من “منقرض” إلى “نائم” أو “خامد قابل للاستيقاظ”.
وتشير الدراسات إلى أن التحركات الجيولوجية المكتشفة حديثًا قد تكون ناجمة عن ارتفاع ضغط الغازات في أعماق النظام البركاني، أو نتيجة صعود كميات محدودة من الصهارة على عمقٍ يقارب ستمائة متر تحت السطح، وهو ما يفسر التمدد الأرضي والانبعاثات المرصودة. ورغم ذلك، يؤكد الخبراء أن هذه المؤشرات لا تعني بالضرورة أن فورانًا وشيكًا سيحدث، بل قد تكون مجرد مرحلة من مراحل النشاط الحراري العميق التي تسبق أي تغير ظاهر على السطح.
الحدث يُعتبر من أبرز الظواهر الجيولوجية خلال العقود الأخيرة، إذ نادرًا ما يُرصد استيقاظ بركان بعد فترة خمول تمتد لمئات آلاف السنين. ويرى باحثون أن هذه الظاهرة تُبرز الحاجة إلى تعزيز مراقبة الأنظمة البركانية في المنطقة، خصوصًا في ظل التغيرات المناخية وحركة الصفائح الأرضية المستمرة التي قد تعيد تنشيط براكين أخرى كانت تُعتبر آمنة.
ورغم أن المناطق المحيطة بتفتان لا تعرف كثافة سكانية عالية، إلا أن السلطات الإيرانية تتابع التطورات بحذر، مع تأكيد العلماء أن لا مؤشرات آنية على خطر محدق أو فوران قريب. ويُعد هذا “الاستيقاظ الجيولوجي” تذكيرًا جديدًا بقوة الأرض الكامنة، وكيف يمكن للطبيعة أن تفاجئ الإنسان حتى بعد قرونٍ من السكون.











