
في تطور جديد يزيد من سخونة المشهد الأوروبي، أعلنت الاستخبارات الروسية أنّ فرنسا تستعد لإرسال قوة عسكرية قوامها نحو ألفي جندي وضابط إلى الأراضي الأوكرانية، في خطوة وصفتها موسكو بالتصعيد الخطير الذي قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي. التصريح الذي أدلى به رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، جاء ليكشف ما وصفه بـ”التحركات الميدانية السرّية” لباريس تحت غطاء التعاون العسكري والدعم التقني لكييف، مؤكداً أن المعلومات الاستخباراتية الروسية تشير إلى أن القوات الفرنسية جاهزة للانتشار في مناطق غربية من أوكرانيا لتقديم الدعم اللوجستي والتقني للجيش الأوكراني.
في المقابل، سارعت باريس إلى نفي الاتهامات الروسية، ووصفتها بأنها “مزاعم تضليلية” تهدف إلى زعزعة وحدة الغرب وتشويه صورة الدعم الأوروبي لكييف. وأكدت الحكومة الفرنسية أنّ سياستها ما تزال تقتصر على تقديم الدعم الدفاعي والإنساني لأوكرانيا دون أي تورط مباشر في القتال. كما شددت وزارة الخارجية الفرنسية على أنّ أي مشاركة عسكرية فرنسية ستكون فقط في إطار قرارات جماعية لحلف الناتو، وليس بقرار أحادي.
ويرى مراقبون أنّ التصريحات الروسية الأخيرة تدخل في إطار حرب المعلومات التي تصاعدت منذ بداية الصراع، إذ تسعى موسكو إلى إظهار أن أوروبا تتجاوز الخطوط الحمراء في تعاملها مع الملف الأوكراني، بينما تحاول باريس التمسك بخطاب الحذر والتصعيد الدبلوماسي دون التورط العسكري المباشر. كما تأتي هذه الأنباء في وقتٍ يعاني فيه الجيش الأوكراني من تراجع في الجبهات الشرقية، ما دفع عدداً من الدول الأوروبية إلى مناقشة سبل جديدة لدعمه في مواجهة القوات الروسية المتقدمة.
التحذيرات الروسية لم تتوقف عند التصريحات، إذ لوّح الكرملين بأنّ أي وجود عسكري فرنسي على الأراضي الأوكرانية سيُعامل كقوة معادية، وأن الجنود الفرنسيين سيكونون أهدافاً مشروعة للجيش الروسي. هذا التهديد يعكس حجم التوتر بين الجانبين ويؤشر إلى مرحلة أكثر خطورة في الحرب التي تجاوزت حدود الميدان إلى مواجهة استخباراتية ودبلوماسية مفتوحة.
وبين الاتهام الروسي والنفي الفرنسي، يبقى السؤال معلقاً حول ما إذا كانت أوروبا تتهيأ فعلاً لتوسيع حضورها العسكري في الحرب، أم أنّ موسكو تسعى إلى استخدام ورقة “التحرك الفرنسي” لتبرير مزيد من التصعيد في أوكرانيا. المؤكد أن التوتر بلغ مستوىً غير مسبوق، وأنّ أوروبا باتت تعيش على إيقاع حربٍ لا تقتصر على المدافع والصواريخ، بل تمتد إلى المعلومة والخبر والموقف، في صراع تتداخل فيه الحقائق بالدعاية وتضيع فيه الحدود بين التحليل والتحذير.








