
أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتيل أزمة جديدة في أمريكا اللاتينية بعدما أعلن، عبر منصته الاجتماعية، أن المجال الجوي فوق فنزويلا ومحيطها يجب أن يُعتبر “مغلقاً بالكامل”، في خطوة وُصفت في كاراكاس بأنها تهديد استعماري صارخ يمس سيادة دولة مستقلة ويعيد إلى الأذهان أسوأ فصول التدخلات الأميركية في المنطقة.
ترامب وجّه رسالته بشكل مباشر إلى شركات الطيران والطيارين، بل وحتى إلى من سماهم بمهربي المخدرات والمتاجرين بالبشر، داعياً الجميع إلى تجنب الأجواء الفنزويلية، في خطاب حمل نبرة إنذار ووعيد أكثر مما حمل طابع إجراء قانوني واضح، وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول خلفيات هذا التصعيد الحاد.
الرد الفنزويلي جاء سريعاً وقاسياً، إذ أكدت الحكومة أن الأجواء الفنزويلية تخضع حصرياً لسيادة الدولة، واعتبرت إعلان ترامب عدواناً سياسياً وانتهاكاً للقانون الدولي، داعية المجتمع الدولي إلى عدم الصمت أمام هذه الخطوات الأحادية التي تهدد أمن الطيران المدني والاستقرار الإقليمي.
وتزامن هذا التصعيد مع تحذيرات أميركية سابقة لشركات الطيران من “مخاطر أمنية محتملة” عند التحليق فوق فنزويلا، ما دفع بعض الشركات فعلاً إلى تعليق رحلاتها أو تقليص عبورها الجوي، في مؤشر على أن الضغط لم يعد مجرد خطاب، بل بدأ يُترجم ميدانياً على مستوى حركة الطيران.
وفي أعقاب تصريح ترامب، رُصد تراجع واضح في عدد الرحلات العابرة للأجواء الفنزويلية وفق مواقع تتبع الطيران، وسط ارتباك عالمي حول ما إذا كان الأمر مجرد تحذير سياسي أم محاولة لفرض أمر واقع خارج الأطر القانونية الدولية.
ورغم الضجيج الكبير الذي أحدثه الإعلان، لا يوجد إلى حدود الآن أي قرار دولي رسمي بفرض حظر جوي على فنزويلا، ما يجعل خطوة ترامب معلّقة بين التهديد الرمزي والتصعيد المفتوح، وهو ما يزيد من منسوب القلق الدولي بشأن أمن الملاحة الجوية والتداعيات السياسية المقبلة.
بين خطاب القوة من واشنطن وصيحات السيادة من كاراكاس، تقف المنطقة على حافة توتر جديد، يُنذر بتحول الأجواء من مجرد مسارات طيران إلى ساحة صراع سياسي مفتوح، عنوانه الأبرز: من يملك فعلاً حق إغلاق سماء دولة ذات سيادة؟











