تعليمقضايا ومحاكم

توقيف أستاذة يشعل غضب النقابات ويعيد ملف الحريات النقابية إلى الواجهة

أعاد توقيف أستاذة بالمغرب الجدل بقوة داخل الساحة التعليمية والنقابية، بعدما تحوّل إجراء قضائي إلى قضية رأي عام فجّرت موجة استنكار واسعة، وفتحت من جديد ملف علاقة الدولة بالحريات النقابية والاحتجاجات الاجتماعية في قطاع التعليم. فقد تم، يوم الخميس 18 دجنبر 2025، توقيف الأستاذة نزهة مجدي عند أحد السدود القضائية بمدخل مدينة أولاد تايمة، تنفيذًا لحكم قضائي سابق يقضي بسجنها ثلاثة أشهر نافذة، وهو ما أكدتْه مصادر متطابقة.
الأستاذة الموقوفة تُعد من الأسماء المعروفة داخل صفوف الأساتذة الذين خاضوا، خلال السنوات الماضية، احتجاجات واسعة ضد نظام التعاقد، وكانت من الوجوه البارزة فيما عُرف بـ«معركة إسقاط مخطط التعاقد»، التي هزّت المنظومة التعليمية وفرضت نفسها بقوة على أجندة النقاش العمومي. وتعود فصول القضية، بحسب المعطيات المتداولة، إلى متابعات قضائية مرتبطة بتلك الاحتجاجات، صدرت على إثرها أحكام اعتبرتها النقابات والتنظيمات التعليمية ذات طابع انتقامي.
وفور انتشار خبر التوقيف، سارعت عدد من النقابات التعليمية والتنسيقيات إلى إصدار بيانات شديدة اللهجة، عبّرت فيها عن رفضها لما وصفته بـ«الاستهداف المباشر للعمل النقابي»، معتبرة أن تنفيذ الحكم في هذا التوقيت يعكس تضييقًا على الحريات النقابية وحق الشغيلة التعليمية في الاحتجاج السلمي. الجامعة الوطنية للتعليم، في أحد بياناتها، وصفت ما جرى بأنه خرق لمبادئ العدالة وضمانات المحاكمة العادلة، وطالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الأستاذة، مع تحميل الجهات المسؤولة كامل المسؤولية عن سلامتها الجسدية والنفسية.
كما شددت التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين على أن الحكم لم يراعِ، حسب تعبيرها، الوضع الصحي للأستاذة، ولا السياق الاجتماعي الذي صدرت فيه المتابعات، معتبرة أن توقيفها يندرج ضمن سياسة الترهيب ومحاولة كبح أي صوت نقابي معارض، في وقت ما يزال فيه قطاع التعليم يعيش على وقع توترات متراكمة وإصلاحات مثار جدل.
في المقابل، يرى متابعون أن القضية تكشف مرة أخرى هشاشة التوازن بين تطبيق القانون وضمان الحريات، خصوصًا حين يتعلق الأمر بملفات ذات بعد اجتماعي ونقابي، حيث يتحول القضاء، في نظر فاعلين نقابيين، من آلية لحماية الحقوق إلى أداة تُستحضر في لحظات التوتر. وبين من يعتبر التوقيف تنفيذًا عاديًا لحكم قضائي، ومن يراه تصفية حسابات مع نضالات تعليمية سابقة، يبقى المؤكد أن ما حدث أعاد إشعال النقاش حول مستقبل الحوار الاجتماعي، وحدود الاحتجاج، ومكانة الفعل النقابي داخل المشهد المغربي.

جواد مالك

مدير عام و رئيس تحرير جريدة أهم الأخبار الدولية. أمين عام الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب (فرع المملكة المغربية). أمين سر منظمة أواصر السلام العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا