
في زمن تتسارع فيه التحولات، وتتعاظم فيه حاجات المواطن المغربي، ما يزال كثير من المنتخبين يمارسون وظائفهم بعقلية الغياب أكثر من الحضور، وبفكر الركود أكثر من الاجتهاد. لقد تحوّل بعضهم إلى مجرد حراس لمقاعد انتخابية، لا صوت لهم إلا عند اقتراب موسم الصناديق، ولا أثر لهم في التنمية إلا في الصور واللافتات.
إن فشل عدد من السياسات العمومية في بلادنا لا يُختزل في الحكومة أو الإدارة فحسب، بل هو انعكاس مباشر لعجز جزء كبير من المنتخبين عن الإبداع والابتكار داخل مؤسساتهم التمثيلية. فهم، بدل أن يكونوا صلة وصل بين المواطن ومراكز القرار، أصبحوا أحياناً حلقة مفرغة تُغذي تضارب المصالح، وتُضعف الثقة في العمل السياسي.
ولعلّ جلالة الملك محمد السادس قد عبّر بوضوح عن هذا الخلل البنيوي في أكثر من خطاب، حينما دعا المواطنين إلى تحمّل مسؤوليتهم في اختيار من يمثلهم، قائلاً إن “التصويت حق وواجب وطني، ومن يُسيء الاختيار لا يلومن إلا نفسه”. وهي إشارة قوية إلى أن تردي الأداء المحلي هو نتيجة تداخل المسؤولية بين الناخب والمنتخب على حد سواء.
إننا أمام معادلة معطوبة: منتخبون بلا إنتاج، وبرامج بلا تنفيذ، ووعود بلا أثر. وحين تغيب الكفاءة، فإن التنمية تتعثر، وتفقد المؤسسات معناها الحقيقي.
ولعل المثل الشعبي المغربي يلخّص المشهد في عبارة بليغة:
“اللي ما عندو همّ، تولّي السياسة همّو.”
إن الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا بإعادة الاعتبار للمنتخب الكفء، الذي يرى في المنصب وسيلة لخدمة الناس لا غنيمة للمصلحة، وبمواطنة واعية تُمارس حقها في التصويت بمسؤولية لا بعاطفة.
فالوطن لا ينهض بالوجوه التي تتبدل كل موسم، بل بالعقول التي تشتغل كل يوم.