
في زمن أصبحت فيه الشهرة تُقاس بعدد القلوب والهدايا الرقمية، تحوّل البث المباشر على تيك توك إلى مسرح تتداخل فيه التسلية مع الطمع، والضحك مع الأسرار. في الواجهة، يبدو المشهد بسيطًا: باثّ يرقص أو يتحدث، وداعم يغدق عليه بالهدايا الإلكترونية التي تتحول إلى أموال حقيقية. لكن في الخلفية، تدور أسئلة كثيرة لا تجد إجابات واضحة. من أين تأتي كل تلك المبالغ؟ ولماذا يدفع البعض آلاف الدولارات في دقائق لأشخاص لم يلتقوهم يومًا؟
بين من يرى في ذلك كرمًا أو ترفيهًا، ومن يشكك في النوايا، بدأت التحقيقات في عدد من الدول تكشف عن وجه آخر أكثر تعقيدًا. خبراء الاقتصاد الرقمي يحذرون من أن هذه الهدايا قد تُستخدم أحيانًا كوسيلة لغسل الأموال، حيث يتم تحويل مبالغ مجهولة المصدر إلى هدايا رقمية ثم تُسحب كأرباح “قانونية”. شبكات منظمة تستغل الشعبية الفورية للبثوث لجعل المال “ينتقل بلا أثر”، مستفيدة من طبيعة المنصة العابرة للحدود وصعوبة تتبع المعاملات.
في المقابل، هناك من يرى أن جزءًا من هذه الظاهرة مرتبط أيضًا بالهروب النفسي، فالداعم يبحث عن الاعتراف والاهتمام، بينما الباث يستغل العاطفة والشهرة لتوليد المزيد من الأرباح. إنها تجارة المشاعر المغلفة بالتسلية، حيث يُشترى الانبهار بالعملة الصفراء، وتُباع الشهرة لمن يدفع أكثر.
خلف كل ضحكة في البث، وخلف كل وردة تُرسل على الشاشة، قد يختبئ عالم غامض من المصالح، المال، والأوهام. وبين الواقع والوهم، يظل سؤال واحد معلقًا: هل ما نراه تسلية بريئة… أم واجهة لاقتصاد خفي يتغذى على التفاهة والغرور؟








