عربية وشرق اوسط

دعم فصائل المقاومة لرد حماس: بين التوافق الوطني ومآلات المبادرة الأمريكية – قراءة في المواقف الفلسطينية

عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

تأتي التأييدات التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية لردّ حركة حماس على المقترح الأميركي في سياق معقّد من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تحمل بين سطورها رسائل سياسية واستراتيجية يفترض أن تُقرأ بتمعّن، لا تُستهتر بها الأطراف الإقليمية والدولية.

أصدرت فصائل المقاومة، في بيانات متزامنة، مواقف تنمّ عن تأييد كامل لردّ حماس، معتبرة إياه “موقفًا وطنيًا مسؤولًا”، جاء بعد مشاورات مع كافة الفصائل. الموقف لا يقتصر على الفعل الرمزي، بل يحمل نداء لاستكمال الخطوات التنفيذية على الأرض، عبر تكوين هيئة فلسطينية مستقلة لإدارة قطاع غزة، وضمان تفعيل الاتفاقات بشكل فعلي.

لكن في المقابل، بعض التحليلات ترى في هذا التوافق تهديدًا لمعايير الوحدة الداخلية الفلسطينية، إذ يُطرح السؤال: هل تحفّز هذه التصريحات وحدة وطنية حقيقية، أم هي استعراض سياسي لاستقطاب التأييد؟

حركة الجهاد الإسلامي أكّدت أنها شاركت في المشاورات التي أوصلت إلى الموقف الحالي، في إشارة واضحة إلى أن اتخاذ القرار لم يكن منعزلًا.

الجبهة الشعبية ذهبت أبعد من ذلك، معتبرة الردّ “وطنيًا ومسؤولًا”، وداعية للاحتكام إلى تنفيذ فوري من قِبَل الاحتلال لوقف العدوان، تمهيدًا للانسحاب وإدارة مستقلة لغزة.

تلك المواقف توحي أن حماس لم تكن وحدها في اتخاذ الرد، بل أن هناك مسعى لتقديم خطاب مقاومي موحّد، يُعطي وزنًا استراتيجيًا للموقف الفلسطيني.

في خضمّ هذا الجدل، خرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس بترحيب مبدئي بخطة ترامب، متحدثًا عن رغبة في العمل البناء عبر القانون، وربط غزة بالضفة. في المقابل، ترامب دعا إسرائيل لوقف القصف فورًا، في حين ربط نتنياهو موافقته بالخطة الإسرائيلية بتحقيق الأهداف الأمنية.

هذه الخِطابات تتوازى مع خطوة حماس، مما يخلق جبهات متعددة في الخطاب الدولي، قد تُستغل سياسيًا من كثيرين، سواء لدعم أو لتشويه الموقف الفلسطيني.

منذ أكتوبر 2023، يشهد قطاع غزة أكبر مأساة معاصرة: دمار شامل، مئات الآلاف من الجرحى، الملايين بلا مأوى أو طعام. الردّ الذي قدمته حماس ليس خيارًا سياسيًا فحسب، بل موقف يعيش في قلب الألم الفلسطيني، في حين تُعوِّل على دعم عربي وإقليمي ومؤسسات دولية للضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات.

إن المزايدات الإعلامية أو السياسية أو الاتهامات المتبادلة أمام هذا الواقع لا تُغيّر أن الناس يعانون — وأن الموقف المقاوِم يحمل في طيّاته نداء للحقوق الأساسية التي لطالما طالبت بها الشعوب: الحرية، الكرامة، العيش بسلام.

تحويل التأييد إلى فعل ميداني: المبادرة السياسية لا تكفي، بل يجب أن ترتبط بخطة تنفيذية على الأرض.

موازنة بين الاحتواء العسكري والدبلوماسي: الموقف المقاوِم في خطاب لا يجب أن يُستفز دون استراتيجية ملموسة تُراعي الخسائر.

مواجهة الحرب الإعلامية: الرواية الفلسطينية بحاجة إلى أن تدافع عنها بوسائل تقنية وإعلامية قوية ترد على الادعاءات والتحريفات.

الضمان الداخلي للوحدة: الموقف الموّحَد يبقى هشًا إن تعلّقت به شقوق سياسية أو أيديولوجية داخل الداخل الفلسطيني.

ردّ حماس ليس مجرد ردّ على خطة أو اقتراح؛ هو إعلان عن رفض الاستسلام، ومحاولة لإعادة بناء وحدة مقاومة فلسطينية تجسّد طموح الشعب. لكنه أيضًا اختبار كبير يُضع الفصائل أمام تحدٍ أصعب: كيف تحوّل الموقف إلى استراتيجية قابلة للحياة، تدعم الفلسطينيين في غزة دون أن تُستنزف القوى في توزيع الخطاب.

في لحظة كهذه، ليس المطلوب أن نكون مجرد شهود؛ بل شركاء في التفكير الاستراتيجي، في إخراج الخطاب من عزلته، في إدماج الفلسطينيين في رسم مصيرهم. كما أن من ينظر إلى ما يجري من مقام بعيد عليه أن يدرك: الشعوب لا تُقمع بالكلمات ولا تُحكم بالخرافات. إنما تُعامل بالحق.

* أنشر من أجل فلسطين التي تستحق أن يسمعها العالم بوضوح لا بالتزييف.

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا