
أُضيف اسم رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، إلى لائحة الاتهامات الدولية ضمن شكوى رفعتها مجموعة حقوقية فلسطينية وبتمويل مدني، تتهمها بالتواطؤ في “إبادة جماعية” بسبب مواقف سياساتها تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة. يُذكر أن الشكوى لا تكتفي برؤيتها كرئيسة حكومة، بل تشمل وزير الدفاع، وزير الخارجية، والمدير التنفيذي لمجموعة ليوناردو للدفاع، متهمة إياهم بالمشاركة في دعم الأسلحة والتورط في قرارات حكومية لها تبعات ميدانية مباشرة.
المنظمة الحقوقية التي نظّمت الشكوى، وتضمّ مجموعة من الحقوقيين والقانونيين والأساتذة في القانون العالمي، وضعت تاريخًا محددًا لتقديمها، ومثّلتها قائمة موقّعين تصل إلى نحو خمسين شخصية عامة. تقول الوثيقة إن إمداد الحكومة الإيطالية بأسلحة تُستخدم في العمليات العسكرية بغزة يجعلها “شريكًا فعليًا” في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وتطالب بفتح تحقيق رسمي من المحكمة الجنائية الدولية.
الادعاء الأساسي يرتكز على مفهوم “التواطؤ” في جريمة الإبادة – أي اعتبار أن من يدعم طرفًا ينتهك القانون الدولي قد يكون مسؤولًا جزئيًا أو مباشرًا في الجرائم إذا كانت المواد المستخدمة أو القرارات المتخذة تُسهم في ارتكاب هذه الجرائم. وهذا يطرح أسئلة قانونية معقدة: هل ثمة أدلة موثقة تحمل اسم ميلوني أو وزرائها أو المنظومة التي تدير “ليوناردو” تبين تورطهم المباشر؟ وهل هناك تحقيق ميداني مستقل يُثبت استخدام الأسلحة الإيطالية في انتهاكات محددة يمكن ربطها بالقانون الجنائي الدولي؟
جورجيا ميلوني، في تصريح لها، اعتبرت أن لا شكوى سابقة من هذا النوع في تاريخ رئيس حكومات إيطاليا. من المحتمل أن تجادل الحكومة بأنها عرضت دعمًا سياسيًا أو لوجستيًا، لكن ليس دعمًا مباشرًا لإبادة، وأن القرارات التي اتخذت تأتي ضمن التزامات حليفة وتحت إطار العلاقات الدولية والدعم العسكري، وهو ما يُستخدم كخط دفاع في مثل هذه القضايا.
من الواضح أن هذه الشكوى ليست رسالة قانونية فحسب، بل تأتي في سياق دبلوماسي وإعلامي كبير. يُستخدم فيها السرد الحقوقي لاستقطاب الانتباه الدولي، وتحميل الحكومات الغربية – خصوصًا الأوروبية – مسؤولية الدم والدمار في غزة. كما أن الأمر يُحدث ضغطًا سياسيًا على إيطاليا وما يمثّله اسم ميلوني دوليًا، خصوصًا في ملف حقوق الإنسان.
رغم أن القضية تحمل حججًا جدية، إلا أن الاتهامات بجرائم الإبادة وتتبعها قضائيًا يحتاج إلى أدلة قوية جدًا. فإتمام مسار التحقيق الدولي يتطلب إثباتات لربط الدعم بالنتائج الميدانية، وتحديد الجهات التي استخدمت الأسلحة المدعومة من إيطاليا في ارتكاب الانتهاكات، وهو أمر يصعب تحقيقه بسرعة.
هذه الشكوى تضع ميلوني وحكومتها في مواجهة امتحان دولي وقانوني، ولا يمكن اختزال الأمر فقط في تبعات سياسية. إن المحكمة الجنائية الدولية، إن بادرت بالتحقيق، ستطرح أسئلة جوهرية حول مدى التزام الدول بالقانون الإنساني الدولي، ومسؤولية الدعم العسكري وغير العسكري.
في هذا السياق، يبقى السؤال: هل ستتمكن إيطاليا من تقديم دفاع قانوني محكم، أم أن هذه التهمة ستصبح محورًا لتعديل سياسات الدعم والتموضع الأوروبي في النزاعات؟