
يُعدّ حبّ المرأة للمجوهرات من السمات المشتركة في الثقافات الإنسانية على مرّ العصور. وقد تجاوزت المجوهرات كونها مجرد وسيلة للزينة لتُصبح رموزاً ثقافية، واجتماعية، ونفسية، تعبّر عن المكانة والذوق والهوية. فما هو سر هذا الاهتمام العميق والدائم؟ وما الذي تمثله المجوهرات في حياة النساء؟
. المجوهرات في التاريخ: جذور الاهتمام
شهدت الحضارات القديمة استخدام المجوهرات منذ آلاف السنين. فقد ارتدت نساء مصر الفرعونية، وبابل، والهند، وروما، حليًا مصنوعة من الذهب، والأحجار الكريمة، واللؤلؤ، ليس فقط للزينة، بل أيضاً كرموز للقوة والحماية والثراء.
في الثقافة الإسلامية، برزت المجوهرات كعنصر جمالي وروحي في آنٍ واحد، حيث كانت تُنقش أحياناً بآيات قرآنية أو أدعية للحماية. وكانت المرأة تُزيَّن بها في المناسبات الدينية والاجتماعية كالأعراس والاحتفالات.
. المجوهرات كوسيلة للتعبير عن الذات
بالنسبة للكثير من النساء، تُعتبر المجوهرات وسيلة للتعبير عن شخصيتهن وذوقهن الفني. فاختيار المرأة للذهب أو الفضة، للأحجار الملونة أو الكلاسيكية، يعبّر عن طبيعتها، ميولها، وربما حتى حالتها النفسية.
تضفي المجوهرات لمسة خاصة على الإطلالة، وتمنح المرأة ثقة بالنفس، وشعوراً بالجمال والتميّز، ما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من طقوس العناية بالذات لدى النساء.
. المجوهرات كرمز للمكانة الاجتماعية والاقتصادية
عبر التاريخ، ارتبطت المجوهرات بالسلطة والمكانة. فالمرأة التي تمتلك مجوهرات فاخرة غالباً ما يُنظر إليها باعتبارها تنتمي لطبقة اجتماعية راقية، أو ذات ثراء معين. وفي بعض الثقافات، يُعدّ امتلاك الذهب ضماناً للمستقبل، خصوصاً في حالة الزواج أو الطلاق.
في مجتمعات مثل الهند أو بعض الدول العربية، تمثّل المجوهرات “مهرًا” أو “ضمانًا ماليًا” تتلقاه العروس، وغالبًا ما تُحتفظ بها وتُورَّث كجزء من إرث العائلة.
. البعد العاطفي والرمزي للمجوهرات
لا تكمن قيمة المجوهرات في مادتها فقط، بل في معناها. فكثير من النساء يحتفظن بمجوهرات تُمثّل لهن ذكرى غالية: هدية من الأم، خاتم خطوبة، أو عقد وُرث عن الجدة. لهذه القطع بعد عاطفي قوي يجعلها تحمل قيمة نفسية لا تُقدّر بثمن.
. تطوّر الموضة وتنوّع الأذواق
مع تطور الموضة، تغيّر مفهوم المجوهرات عند النساء. لم تعد القطع الضخمة والمكلفة وحدها تحظى بالاهتمام، بل ظهرت تصاميم بسيطة، وأخرى مستوحاة من الطبيعة أو الفن الحديث، لتناسب مختلف الأذواق والمناسبات.
كما أقبلت النساء بشكل متزايد على المجوهرات المصنوعة يدويًا، والتي تعبّر عن تفردهن وارتباطهن بالحرفية والفن.
. النساء في صناعة وتصميم المجوهرات
لم تعد المرأة مستهلكة فقط للمجوهرات، بل أصبحت أيضًا مصممة ورائدة أعمال في هذا المجال. برزت أسماء نسائية عالمية ومحلية، قدّمن تصاميم تجمع بين الحداثة والهوية الثقافية، ونجحن في تحويل شغفهن بالمجوهرات إلى مشاريع ناجحة.
اهتمام المرأة بالمجوهرات هو امتداد طبيعي لرغبتها في التعبير عن الجمال، والهوية، والتميّز. المجوهرات ليست مجرد زينة، بل هي لغة صامتة تعبّر عن الحب، الذاكرة، المكانة، والإبداع. إنها انعكاس لأنوثة المرأة وتقديرها لقيم الجمال والتفرّد في عالم غني بالرموز والدلالات.