وطنية

رسالة إلى مدير مجموعة BMCI: هل أصبح الزبون المغربي تحت الاحتلال البنكي؟

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

لم أكن أتوقّع، وأنا أفتح حسابًا بنكيًا لدى مؤسستكم منذ أكثر من سنة، أنني أدخل في علاقة غريبة الأطوار، مشروطة من طرف واحد، وبدون أي ضمانات حقيقية لحقوقي كمواطن قبل أن أكون زبونًا. كان كل شيء يسير بشكل طبيعي: راتبي الشهري يُحوّل بانتظام إلى الحساب، التأمين الصحي يُقتطع بدقّة، ورسوم الخدمات البنكية تُسحب شهريًا، دون أن أشكّ يومًا في أن الأمور ستأخذ هذا المنحى الغريب.

كل ما فعلته أنني تقدّمت بطلب قرض استهلاكي. لم أطلب منحة، ولم أفرض شيئًا. طلب يُقبل أو يُرفض، وهو ما اعتبرته من بديهيات العلاقة بين الزبون والبنك. لكن ما حصل بعد ذلك لا يمكن وصفه إلا بكلمة واحدة: عبث.

رُفض القرض، وهذا حقكم، لكن فجأة، ومن دون أي إشعار أو تنبيه، وجدت نفسي أمام صدمة غير مفهومة: تم توقيف حسابي البنكي بالكامل. لم يصلني لا اتصال، ولا رسالة، ولا تفسير. ذهبت إلى الوكالة البنكية التابعة لها، ظننت أن عندهم الجواب، لكنهم كانوا مثلي تمامًا: لا يعلمون شيئًا. صمتٌ مُطبق، وغموضٌ ثقيل.

تملّكني الشك. هل هناك أمر قضائي صادر ضدي؟ لا. هل هناك شبهة غسيل أموال؟ مستحيل. هل قدّمت وثائق مزورة؟ أبدًا. ليس هناك أي سبب ظاهر، لا منطقي ولا قانوني، يمكن أن يبرّر هذا التصرف.
وجدت نفسي في وضع يُشبه “العقاب الإداري السري”، وكأنني ارتكبت جريمة لا أعلمها، ولا أحد يريد أن يخبرني بها.

ثم جاء التفصيل الأكثر إثارة للسخرية:
البطاقة البنكية الخاصة بي، والتي أؤدي عنها رسومًا سنوية، تم تجميدها واختفى أثرها من داخل التطبيق البنكي الذي أستعمله. لا إشعار، لا تنبيه، فقط اختفت وكأنها لم تكن. بطاقة مدفوعة الثمن، تُجمد بلا إنذار، وتُمحى من التطبيق كما تُمحى الملفات من الحاسوب! أبهذا الشكل تتعامل مؤسستكم مع زبنائها؟ هل أصبح مصير وسيلة الأداء الشخصية مرتبطًا بمزاج إداري لا يفسر شيئًا؟

تقدّمت بشكاية رسمية إلى الإدارة العامة لمؤسستكم. مرّ أسبوع، ثم آخر. ولا شيء. لا رد، لا تواصل، لا حتى مجرّد “لقد توصلنا بشكواكم وسننظر فيها”. لكن المفارقة الصادمة أنني بعد مراسلة عبر الإيميل، تم تمكيني من جزء من أموالي، بينما الباقي… ما زال في “الانتظار” إلى أن أرسل مراسلة أخرى!

هل يُعقل أن يصبح الحق في مالك مرتبطًا بإيميل؟
هل من المقبول أن يُجمَّد حسابك البنكي دون أي مسار قانوني واضح؟
هل وصلنا إلى مرحلة تُمارَس فيها سلطات تعسفية من مؤسسات بنكية أجنبية على أرضنا، وكأننا في وضع احتلال بنكي ناعم لا صوت فيه للمغاربة، ولا كرامة لهم داخل النظام البنكي؟

سيدي المدير،
ما حدث لي ليس مجرد خلل فردي. هو وجه صارخ من وجوه الاستعلاء البنكي في غياب المساءلة والوضوح والحد الأدنى من الاحترام.
لقد تواصلت مع بنوك أخرى وسردت ما وقع، وكان الجواب موحّدًا: حتى المتهمون بجرائم مالية يُعاملون بموجب القانون، وتُفسَّر لهم الإجراءات. فكيف تُمارس مؤسستكم ما لا يُمارسه حتى القضاء؟

سيدي،
نحن لا نرفض التعامل مع البنوك الأجنبية، لكننا نرفض أن يتحوّل هذا التعامل إلى وصاية واستضعاف وسلوك فوقي. المغرب ليس مستعمرة. والمغاربة ليسوا رعايا في بنك أجنبي. والمواطن، حين يفتح حسابًا، لا يُسلّم كرامته مع رقم الحساب.

أختم رسالتي بسؤال مباشر لكم:
هل ما زلتم تؤمنون بالعلاقة بين الزبون والمؤسسة البنكية؟ أم أن هذه العلاقة، في نظركم، انتهت، وحلّ محلها نوع جديد من الاحتلال المالي الذي لا يملك فيه المواطن حتى حق السؤال؟
في انتضار الاجابات عن تساؤلاتنا لنا عودة للموضوع وتفاصيل أكثر …..
يتبع……

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا