
في مفاجأة غير مسبوقة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها القناة 13، عن رسالة مسرّبة من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، وجّهها إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تتضمن انتقادات حادة للعمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة، معتبرًا أن الحرب “فقدت هدفها السياسي” وأن الجنود يُعادون إلى الميدان “من دون رؤية أو نهاية واضحة.”
الرسالة التي وصفها محللون بأنها “زلزال داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية” حملت مضمونًا خطيرًا يشير إلى انقسام حاد بين القيادة السياسية والعسكرية. فقد حذّر زامير من أن استمرار العمليات الميدانية في غزة “يعرض حياة الجنود والرهائن للخطر”، مشيرًا إلى أن الجيش بات يخوض “حربًا بلا أفق، تُستنزف فيها الأرواح بلا مكاسب.”
وفي وقت اختارت فيه رئاسة الحكومة التزام الصمت، رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على مضمون الرسالة، مكتفيًا بالقول إن تسريب وثيقة حساسة كهذه يُعد خرقًا أمنيًا خطيرًا. غير أن الصمت هذا لم يُخفِ الارتباك الداخلي، خصوصًا بعد أن عبّر أهالي الجنود عن غضبهم العارم وصدمتهم من محتوى الرسالة، مؤكدين أن الوثيقة “كشفت الحقيقة” التي حاولت الحكومة إخفاءها عن الرأي العام الإسرائيلي.
محللون إسرائيليون وصفوا الرسالة بأنها “ضربة موجعة لنتنياهو في قلب الأزمة السياسية والعسكرية”، معتبرين أنها تمثل أول اعتراف ضمني من قيادة الجيش بأن الحرب على غزة تحوّلت إلى مأزق استراتيجي. وأضافوا أن هذه التسريبات قد تشعل أزمة ثقة غير مسبوقة بين الجيش والحكومة، خاصة بعد تزايد الانتقادات الدولية لسلوك إسرائيل في القطاع، وتنامي الأصوات داخل الداخل الإسرائيلي المطالبة بوقف الحرب والبحث عن تسوية سياسية.
الرسالة المسرّبة فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات كثيرة:
هل بدأ الجيش الإسرائيلي يتمرد على القيادة السياسية؟
هل يدرك نتنياهو أن حربه في غزة بدأت تلتهم شعبيته وتهزّ أركان نظامه؟
وهل تكون هذه الوثيقة بداية النهاية للحرب الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الحديث؟
بين ما يُسرّب وما يُخفى، تبقى الحقيقة الواضحة أن الجيش الإسرائيلي نفسه بدأ يشكّ في جدوى حربه على غزة، وأن الكيان الذي أراد أن يُظهر قوته بات اليوم أسيرًا لصراعاته الداخلية، ورسالة واحدة كانت كافية لتكشف عمق الشرخ داخل “الدولة العبرية” وهي تخوض حربًا بلا أفق… ولا نصر.