أخبارعربية وشرق اوسط

سدّ النهضة على صفيح ساخن: القاهرة تصعّد لهجتها وتلوّح بكل الخيارات لحماية أمنها المائي

في تصعيد جديد يعكس حساسية مرحلة دقيقة من ملف سدّ النهضة الإثيوبي، وجّهت مصر رسالة قوية اللهجة إلى أديس أبابا، أكدت فيها أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما تصفه بالإجراءات الأحادية التي تمسّ بحقوقها التاريخية في مياه النيل، وذلك في سياق تحركات دبلوماسية متواصلة تقودها القاهرة على أعلى المستويات الإقليمية والدولية.
ويأتي هذا التصعيد في ظل استمرار الجمود الذي يطبع مسار المفاوضات، وتزايد المخاوف المصرية من تداعيات ملء وتشغيل السد دون اتفاق قانوني ملزم. وتداولت منصات إعلامية تعبيرات حازمة تعكس تشدداً غير مسبوق في الخطاب المصري، في وقت تؤكد فيه القاهرة أن صبرها الاستراتيجي لا يعني التفريط في أمنها المائي.
وبحسب المعطيات المتوفرة من مصادر متقاطعة، فإن الموقف المصري الرسمي يرتكز أساساً على رسالة احتجاج قانونية ودبلوماسية وجّهتها القاهرة إلى مجلس الأمن الدولي، اعتبرت فيها أن الخطوات الإثيوبية الأحادية تشكّل خرقاً صريحاً لقواعد القانون الدولي ولمبدأ عدم الإضرار بدول المصب، وفي مقدمتها مصر والسودان. كما شددت الرسالة على أن مياه النيل تمثل مسألة وجودية للشعب المصري، وأن الدولة تحتفظ بحقها الكامل في اتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات لحماية مصالحها الحيوية.
وأكدت وزارة الخارجية المصرية، في تصريحات متزامنة، أن القاهرة انخرطت لسنوات في مسار تفاوضي جاد ومسؤول، برعاية أطراف إقليمية ودولية، بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن الحقوق والمصالح المشتركة لجميع الأطراف، غير أن غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي وفرض الأمر الواقع حال دون تحقيق أي تقدم ملموس.
وفي المقابل، تواصل إثيوبيا التأكيد على أن سدّ النهضة مشروع سيادي يهدف إلى توليد الطاقة الكهربائية ودعم مسار التنمية، رافضة الضغوط التي تعتبرها مساساً بحقها في استغلال مواردها الطبيعية، وهو ما يزيد من تعقيد الأزمة ويجعلها مفتوحة على احتمالات متعددة، في ظل تباعد المواقف وغياب أرضية تفاهم مشتركة.
ويرى مراقبون أن تشدد الخطاب المصري في هذه المرحلة يعكس توجهاً نحو تكثيف الضغط السياسي والدبلوماسي، أكثر مما يشير إلى خيار عسكري مباشر، خاصة أن القاهرة ما زالت تؤكد، في بياناتها الرسمية، تمسكها بالحلول السلمية القائمة على القانون الدولي والحوار، مع التشديد في الوقت ذاته على أن أمنها المائي خط أحمر لا يقبل المساومة.
وبين شدّ وجذب، يظل ملف سدّ النهضة أحد أكثر الملفات تعقيداً وحساسية في القارة الإفريقية، لما يحمله من أبعاد استراتيجية وأمنية واقتصادية، في وقت تترقب فيه المنطقة نتائج التحركات المصرية داخل أروقة الأمم المتحدة، وما إذا كانت ستقود إلى إعادة إطلاق مسار تفاوضي جاد، أو إلى مزيد من التصعيد في واحدة من أخطر أزمات المياه في العصر الحديث.

جواد مالك

مدير عام و رئيس تحرير جريدة أهم الأخبار الدولية. أمين عام الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب (فرع المملكة المغربية). أمين سر منظمة أواصر السلام العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا