
اهتزّت مدينة ابن أحمد، التابعة لإقليم سطات، على وقع جريمة بشعة حوّلت الهدوء الذي تعرفه المدينة إلى حالة من الذهول والصدمة الجماعية، بعد العثور على جثة رجل مقطعة ومخبأة داخل مرحاض أحد المساجد. الجريمة التي هزّت الرأي العام الوطني، نُسبت إلى شخص يعاني اضطرابات نفسية، عُرف محلياً بسلوكياته غير السوية، ما دفع كثيرين إلى التساؤل: كيف تحوّل مريض نفسي معروف في المدينة إلى قاتل دموي دون تدخل الجهات المعنية؟
التحقيقات الأمنية كشفت أن الجاني أقدم على قتل الضحية بطريقة وحشية، ثم قام بتقطيع جثته وإخفاء أطرافها في مرافق عمومية، من بينها مرحاض المسجد، في سلوك يعكس مستوى خطيرًا من الانفصال عن الواقع. المعلومات المتداولة محلياً تؤكد أن المتهم سبق له أن كان موضوع ملاحظات متكررة من طرف السكان، وأثيرت حوله شبهات كثيرة تتعلق بتصرفات عنيفة وتهديدات لفظية، إلا أن أحدًا لم يتخذ أي إجراء ملموس.
الجريمة، إلى جانب بشاعتها، كشفت عن ثغرات واضحة في المنظومة الوطنية للرعاية النفسية، بدءًا من ضعف المتابعة الطبية للحالات الخطيرة، مرورًا بعدم تفعيل آليات الإيداع الإجباري أو الإشراف المجتمعي على المرضى العقليين، وصولاً إلى غياب استراتيجية وطنية متكاملة للوقاية من هذه الانفجارات المأساوية. وفي هذا السياق، ارتفعت أصوات المجتمع المدني والمهنيين في قطاع الصحة العقلية، مطالبة بإعادة النظر في السياسة العمومية المتعلقة بالصحة النفسية، وتوفير موارد بشرية ومادية كافية لمراقبة ومواكبة الحالات المزمنة.
السلطات الأمنية، التي تمكنت بسرعة من توقيف الجاني وفتح تحقيق موسع، تحظى بإشادة على سرعة التحرك، لكن أسئلة كثيرة لا تزال عالقة حول المسؤولية المؤسساتية عن ترك شخص يعاني خللاً نفسيًا واضحًا دون متابعة.
“سفاح ابن أحمد” ليس فقط مجرماً ارتكب فعلاً شنيعًا، بل هو مرآة عاكسة لاختلالات صارخة في التعاطي مع المرضى العقليين في الوسط الحضري المغربي، وهي مناسبة حزينة تستدعي التفكير الجماعي في سياسات أكثر عدالة وفعالية لحماية المرضى أولًا… والمجتمع كله ثانيًا.