
تعيش مدينة شرم الشيخ المصرية على وقع مفاوضات معقدة ومحمومة بين وفود أمنية وسياسية من مصر وقطر والولايات المتحدة، تمهّد لتفاهم شامل حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس. هذه الجولة الجديدة من الحوار، التي توصف بأنها الأصعب منذ أشهر، تتركز حول تفاصيل الصفقة المنتظرة، في ظل إصرار حماس على إدراج ما يُعرف بـ«السبعة الكبار» ضمن قائمة المفرج عنهم، وهو مطلب ترفضه تل أبيب بشكل قاطع، ما يجعل طريق الاتفاق مليئًا بالعقبات.
بدأت الجلسات غير المباشرة تحت رعاية القاهرة التي تلعب دور الوسيط الأساسي، بمشاركة مراقبين من واشنطن والدوحة، في محاولة لجسر الهوة بين الموقفين المتناقضين. وتؤكد مصادر قريبة من الوفد الفلسطيني أنّ حماس سلّمت قائمة محددة بأسماء الأسرى المطلوب الإفراج عنهم، مع مراعاة معايير الأقدمية في الاعتقال، والوضع الصحي، وطول الأحكام، غير أن إسرائيل اعترضت على عدد من الأسماء وطرحت تعديلات تقلّص من رمزية الصفقة التي تسعى إليها الحركة.
وتُعدّ قائمة «السبعة الكبار» محور الخلاف الأبرز، إذ تضم شخصيات فلسطينية بارزة ذات ثقل سياسي وميداني، على رأسهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد وآخرون ممن تعتبرهم إسرائيل رموزاً للمقاومة لا يمكن إطلاق سراحهم. بالنسبة لحماس، فإن إخراج هؤلاء من السجون يُعدّ استحقاقًا وطنيًا ومعنويًا، ورسالة إلى الداخل الفلسطيني بأن دماء القادة وتضحيات الأسرى لم تذهب سدى. أمّا من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن إدراجهم في الصفقة يمثّل تهديدًا أمنيًا يصعب تمريره أمام الرأي العام الداخلي والجيش.
المفاوضات تسير على حافة الأمل والخطر، إذ تشير التسريبات إلى أنّ الاتفاق قد يتجزأ على مراحل، تبدأ بالإفراج عن فئات معينة من الأسرى مقابل خطوات ميدانية متبادلة، ثم يُبحث ملف الكبار في مرحلة لاحقة، بعد ضمانات أمنية أكثر صرامة. وتُصرّ حماس على ربط تنفيذ الصفقة بانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من مناطق محددة في غزة، وهو شرط تعتبره مصر وقطر منسجمًا مع منطق التهدئة التدريجية، لكنه يثير توتراً في الجانب الإسرائيلي الذي يرى فيه ابتزازًا سياسياً وعسكرياً.
الوسطاء بدورهم يكثفون الجهود، فالوفد المصري يحاول تثبيت نقاط التفاهم، بينما تعمل الدوحة وواشنطن على إيجاد معادلة تحفظ ماء وجه الطرفين. ووسط هذه التعقيدات، يتحدث بعض الدبلوماسيين عن “تفاؤل حذر”، معتبرين أن مجرد استمرار التفاوض في هذا التوقيت يمثل مؤشراً على استعداد الجانبين للمضي نحو تسوية ما، ولو جزئية، بعد شهور من الجمود والدمار.