أخبارعربية وشرق اوسط

ضربة نارية في قلب الصحراء السورية… واشنطن تفتح النار على «داعش» بأوسع عملية منذ سنوات

في تصعيد عسكري لافت يعيد تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى واجهة المشهد الأمني الدولي، شنّت الولايات المتحدة الأمريكية ضربة جوية واسعة النطاق ضد مواقع تنظيم «داعش» في عمق الأراضي السورية، وُصفت بأنها من أعنف العمليات التي استهدفت بقايا التنظيم خلال السنوات الأخيرة، وجاءت ردًا مباشرًا على هجوم دموي تبنّته خلايا التنظيم وأسفر عن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني قرب مدينة تدمر وسط سوريا.
العملية العسكرية، التي أطلقت عليها القيادة المركزية الأمريكية اسم «عين الصقر» (Operation Hawkeye Strike)، نُفذت خلال ساعات الليل الأولى، وشاركت فيها مقاتلات حربية متطورة من طراز F-15 وF-16، إلى جانب مروحيات هجومية وطائرات مسيّرة، مع استخدام كثيف للذخائر الدقيقة، حيث استهدفت أكثر من سبعين موقعًا تابعًا للتنظيم في مناطق البادية السورية، وريف حمص، ودير الزور، والرقة، شملت معسكرات تدريب، ومخابئ تحت الأرض، ومستودعات أسلحة، ونقاط تمركز لعناصر يشتبه في قيادتهم لهجمات إرهابية.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن الضربة جاءت «انتقامية ومحددة الأهداف»، ولا تهدف إلى فتح جبهة حرب جديدة، بل إلى توجيه رسالة حاسمة مفادها أن أي استهداف للقوات الأمريكية أو حلفائها سيقابل برد سريع وقاسٍ. وأوضح مسؤولون عسكريون أن العملية نُسقت استخباراتيًا على مدى أيام، اعتمادًا على معلومات دقيقة حول تحركات قيادات ميدانية في التنظيم، مشيرين إلى أن الضربات أسفرت عن مقتل عدد كبير من عناصر «داعش»، دون تسجيل خسائر في صفوف القوات الأمريكية.
الرئيس الأمريكي شدد، في تصريح مقتضب، على أن بلاده «لن تسمح بعودة داعش من بوابة الفوضى»، وأن القوات الأمريكية ستواصل ملاحقة التنظيم أينما وُجد، فيما أكد وزير الدفاع أن العملية تُعد جزءًا من استراتيجية أوسع لمنع التنظيم من إعادة تنظيم صفوفه أو استغلال الفراغات الأمنية في سوريا والعراق.
من جهته، أعلن التحالف الدولي لمحاربة «داعش» أن هذه الضربات تأتي في سياق عمليات متواصلة شهدت خلال الأسابيع الأخيرة اعتقال أو تصفية عشرات العناصر المتورطين في التخطيط لهجمات جديدة، محذرًا من أن التنظيم، رغم هزيمته جغرافيًا، لا يزال يحتفظ بخلايا نشطة وقدرة على الضرب في مناطق متفرقة.
وفي الوقت ذاته، أثارت العملية ردود فعل إقليمية ودولية متباينة، حيث اعتبرها مراقبون رسالة قوة أمريكية في منطقة تعيش توترات متداخلة، بينما حذرت منظمات حقوقية من انعكاسات الضربات على المدنيين، رغم تأكيد واشنطن أن جميع الأهداف كانت عسكرية وتم اختيارها بدقة عالية لتفادي الخسائر الجانبية.
وتعيد هذه الضربة الكبرى التأكيد على أن ملف «داعش» لم يُغلق بعد، وأن التنظيم، رغم انكساره العسكري، ما يزال حاضرًا في الحسابات الأمنية الدولية، في وقت يبدو فيه أن الصحراء السورية ما زالت مسرحًا مفتوحًا لصراع الظلال بين القوى الكبرى والتنظيمات المتطرفة، وسط سباق محموم لمنع عودة أخطر فصول الإرهاب في المنطقة.

جواد مالك

مدير عام و رئيس تحرير جريدة أهم الأخبار الدولية. أمين عام الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب (فرع المملكة المغربية). أمين سر منظمة أواصر السلام العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا