تشهد مناطق شمال سوريا تصعيدًا عسكريًا متزايدًا، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني والأمني. الاشتباكات الأخيرة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والفصائل الموالية لتركيا أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة، حيث أعلنت “قسد” مقتل 15 من عناصرها في مناطق متفرقة بريف حلب، منبج، جسر قرقوزاق، وسد تشرين. يأتي هذا في ظل استمرار القصف التركي الذي طال منشآت حيوية، أبرزها سد تشرين، الذي خرج عن الخدمة بشكل كامل، ما يمثل ضربة قاسية للبنية التحتية في المنطقة ويهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية للسكان المحليين الذين يعتمدون على هذا السد لتأمين المياه والكهرباء.
في الوقت ذاته، استغلت خلايا تنظيم داعش الفراغ الأمني الناتج عن انشغال “قسد” بمواجهة الهجمات التركية، حيث نفذت هجمات استهدفت حواجز أمنية في ريف دير الزور والحسكة، مما يشير إلى تصاعد خطر التنظيم مجددًا في المنطقة. هذا التصعيد الأمني المتعدد الأطراف يجعل المدنيين عرضة للخطر بشكل مضاعف، حيث يواجهون تهديدات مباشرة من العمليات العسكرية وفقدان الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى خطر عودة نشاط داعش.
مع استمرار هذا الوضع المتأزم، يبرز الغياب الواضح للدور الفاعل للمجتمع الدولي، الذي لم يتخذ خطوات جادة لوقف التصعيد أو توفير الحماية للبنى التحتية والمدنيين. تجاهل المجتمع الدولي لهذه التطورات يعزز حالة الإفلات من العقاب للأطراف المتورطة ويزيد من معاناة السكان الذين يعيشون في ظروف إنسانية كارثية.
إن إيجاد حلول لهذه الأزمة يتطلب جهودًا دولية عاجلة تهدف إلى وقف العمليات العسكرية وضمان حماية المنشآت الحيوية، إلى جانب تقديم مساعدات إنسانية مكثفة لتلبية احتياجات السكان. كما أن مواجهة خطر تنظيم داعش بشكل حاسم يتطلب تنسيقًا أمنيًا أكبر لمنع التنظيم من استغلال الفوضى الحالية. في ظل غياب هذه الخطوات، تبدو المنطقة أمام مستقبل غامض يحمل في طياته المزيد من التصعيد والمعاناة الإنسانية.