
عزيز أخنوش، أحد أبرز الأسماء التي جمعت بين المال والسياسة في المغرب الحديث، بدأ مسيرته بعيداً عن الأضواء في بلدة تافراوت جنوب البلاد، قبل أن يصبح خلال العقود الأخيرة رمزاً للنفوذ الاقتصادي والسياسي. وُلد سنة 1961 في أسرة ميسورة تمتلك مجموعة “أكوا”، وتلقى تعليمه العالي في كندا حيث حصل على دبلوم في التسيير من جامعة شيربروك، وهو التكوين الذي شكل له الأساس ليقود لاحقاً المجموعة العائلية نحو ريادة السوق المغربي في قطاعات المحروقات والغاز والخدمات.
تحت قيادته، تحولت مجموعة أكوا إلى إمبراطورية مالية ضخمة تضم شركات كبرى مثل “أفريكا غاز” و”مغرب أوكسجين”، وأصبح أحد أغنى رجال الأعمال في المغرب بثروة تُقدّر بمليارات الدراهم، كما أدرجته مجلة فوربس ضمن قائمة رجال الأعمال الأكثر تأثيراً في إفريقيا. بفضل هذه الخلفية الاقتصادية القوية، تمكن أخنوش من بناء شبكة علاقات واسعة في دوائر المال والأعمال، ما ساعده لاحقاً على الانتقال إلى عالم السياسة.
انخرط أخنوش في العمل السياسي بشكل تدريجي، بداية من رئاسة جهة سوس ماسة درعة بين 2003 و2007، قبل أن يُعيَّن وزيراً للفلاحة والصيد البحري سنة 2007، وهو المنصب الذي ظل يشغله عبر حكومات متتالية، حيث أطلق عدة مخططات كبرى لتحديث القطاع الزراعي من بينها “المخطط الأخضر” و”الجيل الأخضر”، إضافة إلى برنامج “أليوتيس” لتطوير قطاع الصيد. هذه المبادرات ساهمت في تحقيق تحول ملموس في بنية الاقتصاد القروي ورفعت من مساهمة الفلاحة في الناتج الداخلي الخام.
عاد أخنوش بقوة إلى قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار سنة 2016، بعد فترة غياب عن المشهد الحزبي، وأطلق حملة سياسية وإعلامية ضخمة جعلت الحزب في صدارة الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021. وبعد فوزه في الانتخابات التشريعية، كُلف من طرف الملك محمد السادس بتشكيل الحكومة، ليصبح رئيساً للحكومة في أكتوبر 2021، خلفاً لسعد الدين العثماني. وقد وعد أخنوش في أولى تصريحاته بتحقيق التنمية، وخلق فرص الشغل، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتعزيز مناخ الاستثمار.
لكن هذه المرحلة السياسية لم تكن خالية من التحديات، إذ واجهت حكومته انتقادات حادة بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، وتعرض شخصياً لحملات مقاطعة استهدفت شركاته، ما طرح تساؤلات حول تضارب المصالح بين موقعه السياسي ومكانته الاقتصادية. كما تعرض لانتقادات تتعلق بحرية التعبير ودور الإعلام في مراقبة الأداء الحكومي.
رغم الجدل، ما زال أخنوش يحتفظ بموقع مركزي داخل دوائر القرار الاقتصادي والسياسي، وتربطه علاقات قوية بالقصر، مما يجعله رقماً صعباً في معادلة الحكم. يراهن الكثيرون على قدرته في تحويل ثروته وخبرته إلى مشاريع تنموية ملموسة، لكن يبقى التحدي الأكبر هو إقناع المغاربة بأن رجل الأعمال الذي صعد من الجنوب إلى قمة السلطة، قادر أيضاً على حل مشاكلهم اليومية وبناء نموذج تنموي جديد يحقق التوازن بين الطموح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.