
عسو أوبسلام هو أحد القادة المغاربة الذين قادوا مقاومة شرسة ضد الاستعمار الفرنسي، لكنه يظل شخصية غير معروفة بالنسبة للكثيرين، مقارنة بأسماء بارزة في المقاومة المغربية. وُلد عسو أوبسلام في منطقة الأطلس الصغير بجنوب شرق المغرب، وتحديدًا في منطقة آيت عطا، إحدى القبائل الأمازيغية التي عُرفت بصلابتها واعتزازها بأرضها وتقاليدها.
برز دوره التاريخي في مقاومة القوات الفرنسية خلال معركة “بوغافر” عام 1933، وهي واحدة من أهم المحطات في تاريخ المقاومة المغربية ضد الاستعمار. كانت منطقة جبل بوغافر حصنًا طبيعيًا لقبيلة آيت عطا بقيادة عسو أوبسلام، حيث رفض الاستسلام للفرنسيين رغم الحصار الشديد والقصف المكثف الذي شمل استخدام الطائرات والمدفعية الثقيلة.
خاض أوبسلام وقبيلته معارك طاحنة لمدة تزيد عن شهرين، أظهر خلالها شجاعة كبيرة في التصدي للقوات الفرنسية المدججة بالأسلحة المتطورة. كان تعداد المقاتلين الذين التفوا حوله حوالي 4000 مقاتل، معظمهم من أبناء القبيلة، في حين حشدت فرنسا ما يزيد عن 80,000 جندي للقضاء على المقاومة. ورغم قلة العدد والعتاد، استطاع عسو أوبسلام أن يلحق خسائر كبيرة بالجيش الفرنسي وأن يصمد في وجهه لفترة طويلة.
اضطر أوبسلام إلى التفاوض مع القوات الفرنسية بعد أن تعرض سكان القبيلة لمجاعة ونقص حاد في الإمدادات بسبب الحصار. ورغم استسلامه في نهاية المطاف بشروط تحمي أبناء قبيلته، إلا أن موقفه البطولي وثباته أصبحا رمزين للصمود والمقاومة في ذاكرة أبناء المنطقة.
عسو أوبسلام لم يكن فقط قائدًا عسكريًا، بل كان شخصية تحمل رؤى أخلاقية وإنسانية في الكفاح. حرص خلال المقاومة على الحفاظ على أرواح المدنيين وتقليل الخسائر بين السكان المحليين، ما أكسبه احترامًا كبيرًا حتى بين خصومه الفرنسيين.
رغم الدور الكبير الذي لعبه في مقاومة الاستعمار الفرنسي، إلا أن عسو أوبسلام لم يحظَ بالاهتمام الذي يستحقه في الكتابات التاريخية المغربية. ومع ذلك، فإن سيرته البطولية لا تزال تُروى بفخر بين سكان الأطلس الصغير، الذين يعتبرونه رمزًا للنضال من أجل الحرية والدفاع عن الأرض والكرامة.
تظل قصة عسو أوبسلام شاهدة على شجاعة القبائل المغربية في التصدي للاستعمار الفرنسي، ودليلًا على أن مقاومة الاستعمار في المغرب لم تقتصر على الأسماء الكبيرة المعروفة، بل شملت أبطالًا كافحوا في صمت وخلّدوا أسماءهم في ذاكرة مناطقهم.