طالب فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين بإرجاء البت في مشروع تعديل قانون الصحافة والنشر، داعيًا إلى فتح نقاش وطني موسع وجدي حول نص وصفه بـ“الحساس والهيكلي”، لما له من آثار مباشرة وعميقة على مستقبل قطاع الصحافة والإعلام بالمغرب، وعلى الضمانات الدستورية المرتبطة بحرية التعبير والتنظيم الذاتي للمهنة.
وجاء هذا الموقف في مراسلة رسمية وجهها الفريق النقابي إلى رئيس لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، أكد فيها أن طلب الإرجاء لا يهدف إلى تعطيل المسار التشريعي، بل يروم إتاحة الوقت الكافي للدراسة المعمقة والمناقشة المسؤولة لمضامين المشروع، في ظل ما يحيط به من جدل مهني وقانوني واسع داخل الجسم الصحافي.
وأوضح الفريق أن مسطرة إعداد المشروع وعرضه لم تُبنَ على توافق واسع داخل المهنة، مسجلًا أن تنظيمات مهنية ونقابية، إلى جانب عدد من الصحافيين الممارسين، عبّروا عن تحفظات جوهرية همّت المنهجية المعتمدة في إعداد التعديلات، وكذا مضمون عدد من المقتضيات الواردة فيها، التي اعتُبرت مثار خلاف حقيقي داخل الحقل الإعلامي.
وسجلت المذكرة المرافقة لطلب الإرجاء أن التعجيل بمناقشة والمصادقة على المشروع يجري في سياق استثنائي، مرتبط بقرب تنظيم تظاهرة رياضية كبرى، معتبرة أن ربط التشريع بإكراهات ظرفية وزمنية يشكل “إكراهًا غير مبرر” في العمل البرلماني، وقد يؤدي إلى إضعاف النقاش العمومي الرصين حول قانون ذي طبيعة هيكلية، يفترض فيه أن يُؤسس لاستقرار تشريعي طويل الأمد.
وعلى المستوى الموضوعي، حذر فريق الاتحاد المغربي للشغل من أن تمرير القانون في ظل انقسام مهني واضح قد يفضي إلى تقويض مبدأ التنظيم الذاتي للصحافة، ويمس باستقلالية المجلس الوطني للصحافة، الذي يُفترض أن يشكل ركيزة أساسية لضبط المهنة بعيدًا عن أي منطق وصاية أو تدخل غير مبرر. كما نبه إلى الانعكاسات المحتملة للتعديلات المقترحة على حرية التعبير والصحافة، كما يكفلها دستور المملكة، ولا سيما الفصول 25 و26 و27 و28، التي تؤطر الحق في الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، وضمان التعددية الإعلامية.
كما أثار الفريق إشكالات قانونية دقيقة تتعلق بربط منح الاعتمادات المهنية بمقتضيات تشريعية ما تزال محل خلاف، معتبرًا أن هذا الربط يطرح تساؤلات جدية حول سلامة المسطرة التشريعية، واحترام مبدأ فصل السلط، وضمان عدم توظيف التشريع كأداة للتدبير الظرفي أو لتصفية نزاعات مهنية ظرفية، بدل أن يكون إطارًا عامًا ومنصفًا ينظم المهنة على أسس مستقرة ومتوافق عليها.
وفي هذا السياق، دعا الاتحاد المغربي للشغل، من خلال فريقه البرلماني، إلى إطلاق نقاش وطني حقيقي وموسع، يضم مختلف مكونات الحقل الصحافي والإعلامي، من مهنيين ونقابات وهيئات تمثيلية وخبراء، بهدف بلورة نص توافقي يحظى بالقبول المهني والمجتمعي، ويعزز الثقة في الإطار القانوني المنظم للقطاع، بدل تعميق حالة الانقسام وعدم اليقين داخل المهنة.
وختم الفريق مراسلته بالتأكيد على أن إرجاء البت في تعديلات مشروع قانون الصحافة لا يندرج في إطار تعطيل العمل التشريعي أو معاكسة الإصلاح، بل يهدف إلى ضمان إخراج قانون يحترم الدستور، ويكرس استقلالية الصحافة، ويعكس الخيار الديمقراطي للمملكة في مجال حرية التعبير والصحافة والنشر، بما يخدم المصلحة العامة ويصون مكانة الإعلام كسلطة مجتمعية أساسية في البناء الديمقراطي.







