أراء وكتاب

قناة الجزيرة.. خريطة مبتورة ومغالطات ممنهجة.. قراءة في أنساق التضليل الإعلامي وعدوانية التناول السياسي

ايطاليا : عبد الله مشنون

نحن مغاربة العالم ومن خلال رصد ما تقوم به بعض القنوات، وعلى رأسها قناة الجزيرة، نلاحظ على أنه ليس مجرد انحياز عابر في التناول الإعلامي، بل هو ممارسة منهجية لمغالطات مقصودة تُستبطن خلف أقنعة “الحياد” و”الرأي والرأي الآخر”، في حين تُعلي منسوب الكراهية وتُمرّر خرائط مشوّهة عن سبق إصرار وترصّد، في استهانة مقصودة بالسيادة الوطنية.
لا يخفى أن وسائل الإعلام لم تعد مجرد ناقل للخبر، بل صارت فاعلاً مؤثرًا في هندسة الإدراك الجمعي وصناعة القناعات. وفي هذا السياق، أصبحت بعض القنوات الفضائية أدواتٍ ناعمة تمارس من خلالها دولٌ بعينها حروبًا خفية ضد مصالح غيرها، تستبطنها في خطابها، وتغلفها بادّعاء المهنية والحياد. وفي مقدمة هذه القنوات، تبرز “قناة الجزيرة” كفاعل إعلامي ينهض بوظيفة مزدوجة: نقل مشهد مغشوش وتثبيت خرائط مغلوطة، وتوجيه متعمد للرأي العام من خلال مغالطات منطقية تتكرر بعناية لا تخفى على من يُحسن قراءة ما بين السطور.
* المغالطات المنطقية كأداة إعلامية موجهة:
لا تكفي متابعة ظاهر خطاب “الجزيرة” لفهم آليات اشتغالها، بل لا بد من تفكيك البنية الداخلية لما تبثّه. إذ تلجأ القناة إلى مغالطة الرجل القش، حين تعيد تشكيل خطاب الخصم على نحو كاريكاتوري لتسهل مهاجمته، وإلى مغالطة التقديم الانتقائي حين تسرد الوقائع مبتورة، بما يخدم رسالة أحادية الاتجاه. أما مغالطة الاستدعاء العاطفي، فتُستخدم لتأليب الجماهير وتزييف الوقائع خلف ستار التعاطف الإنساني.
* خريطة المغرب المبتورة.. عدوان ناعم على السيادة:
تُصر “الجزيرة” على نشر خريطة المغرب دون صحرائه، في كل مناسبة تقريبًا، في إمعان عدائي لا يُمكن عزله عن سياق الصراع الجيوسياسي في المنطقة. فالقضية هنا ليست مجرد إهمال تقني أو اجتهاد خاطئ، بل هو فعل رمزي مشحون بدلالات تقويض السيادة، ومحاولة إعادة تشكيل وعي المشاهد العربي والدولي على نحو يخدم سرديات الخصوم.
* ازدواجية المعايير وإخفاء الإيجابي:
تعتمد القناة أيضًا منطق الانتقائية الحاد، إذ تُضخم الأحداث السلبية داخل المغرب، وتعالجها في نشرات مكثفة بتعليقات مشحونة ومقابلات أحادية التوجه، في حين تغضّ الطرف عن الإنجازات التنموية الكبرى، والتحولات السياسية الهادئة التي تعرفها المملكة، وكأنها تتعمد تشويه الصورة، وتُخفي عن جمهورها ما لا يخدم الرواية التي اختارت الترويج لها.
* خلفيات التوجه الإعلامي العدائي:
إن هذا التوجه لا يمكن فصله عن الخيارات السياسية للدولة الحاضنة للقناة، حيث تلتقي المصالح الضيقة أحيانًا مع أجندات أيديولوجية معلنة أو مضمرة. لقد تحولت “الجزيرة” من فضاء للتعدد والحرية في بداياتها، إلى أداة ناعمة تُنفّذ بها السياسات الخارجية، وتخوض بها حروبًا إعلامية تُبتر فيها الخرائط، وتُغتال الحقائق، ويُعاد تشكيل الوعي الجماهيري ببطء وحذر.
* خلاصة: نحو وعي نقدي ومقاومة معرفية:
على المرء أن يعرف ويدرك السياسة العدائية الممنهجة لأشخاص أو جهات، لا من خلال زيف الأخبار فحسب، بل من خلال ما يتم إخفاؤه وتغييبه، وما يُعاد تشكيله رمزيًا كخريطة الوطن المبتورة. فالوعي بالنوايا الكامنة خلف الخطاب الإعلامي هو الخطوة الأولى في مقاومة الخداع الناعم، وهو ما يُحتم على النخب المغربية والعربية أن تنتج خطابًا بديلًا، ناقدًا ومسؤولًا، لا ينجرّ وراء الاصطفافات الإعلامية، بل يُعيد الكلمة إلى فضائها النزيه، وينتصر للحق، لا لمجرد الإثارة.
رحم الله الإمام الشافعي، إذ قال:
“وعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ؛
ولكن عين السخط تُبدي المساويا”

اهم الاخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp Logo قناتنا على الواتساب
اشترك ليصلك كل جديد

اكتشاف المزيد من اهم الاخبار

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا