
أقدمت كوريا الشمالية على خطوة جديدة تثير القلق في شبه الجزيرة الكورية والعالم، بعدما أعلنت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية أنّ بيونغ يانغ أطلقت صاروخاً باليستياً باتجاه الشرق، دون أن تقدم أي تفاصيل إضافية حول طبيعة الصاروخ أو مداه أو الهدف المقصود من هذه التجربة. وأوضحت المصادر العسكرية في سيول أنّ عملية الإطلاق تمّت من الساحل الشرقي للشمال، وأن أجهزة الرصد تعمل على تحليل مسار الصاروخ لتحديد نوعه الدقيق وما إذا كان من طراز قصير أو متوسط المدى.
ويأتي هذا الإطلاق في وقت يشهد فيه الإقليم حالة توتر متصاعد بسبب استمرار كوريا الشمالية في تحدي قرارات مجلس الأمن، ومضيّها في تطوير ترسانتها الصاروخية رغم التحذيرات الدولية. كما أنّ هذا التحرك يُعدّ الأول من نوعه منذ عدة أشهر، وهو ما يثير تساؤلات حول دوافعه وتوقيته، خاصة أنه يتزامن مع مناورات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في المنطقة، الأمر الذي تعتبره بيونغ يانغ استفزازاً مباشراً لأمنها القومي.
ويُعتقد أنّ عملية الإطلاق تحمل رسائل سياسية وعسكرية في آن واحد، فهي من جهة استعراض للقوة يهدف إلى تأكيد قدرة النظام الكوري الشمالي على الردع، ومن جهة أخرى وسيلة ضغط لفرض وجوده في أي محادثات مستقبلية مع واشنطن أو سيول. ومن المعروف أن الزعيم كيم جونغ أون يستخدم التجارب الصاروخية كورقة تفاوضية كلما شعر بأن الاهتمام الدولي بدأ يتراجع عن ملف بلاده، أو عندما يريد إرسال إشارات تحدٍّ للغرب.
وقد دعت كوريا الجنوبية جارتها إلى وقف مثل هذه الاستفزازات التي تهدد السلم والاستقرار في المنطقة، مؤكدة أنها ستظل متأهبة لأي طارئ، فيما عبّرت اليابان عن قلقها الشديد وبدأت تحقيقات لتحديد ما إذا كان الصاروخ قد سقط في منطقتها الاقتصادية الخالصة. أما الولايات المتحدة فقد أدانت الحدث بشدة، مؤكدة التزامها الكامل بالدفاع عن حلفائها في آسيا.
تجدد هذه الحادثة صورة المواجهة المستمرة بين بيونغ يانغ والمجتمع الدولي، وتعيد التذكير بأن خطر الصواريخ الباليستية لا يزال قائماً رغم العقوبات والعزلة التي تعيشها كوريا الشمالية. ومع غياب أي مؤشرات على نية التراجع أو التهدئة، يبدو أنّ الصراع في شبه الجزيرة الكورية يدخل مرحلة جديدة من شد الحبل، حيث لا أحد يعلم متى يمكن أن تنفلت الأمور من السيطرة وتتحول رسالة الإنذار إلى شرارة أزمة دولية جديدة.











