اسلاميات

قصة بقرة بني إسرائيل بين الماضي والواقع المعاصر

أهم الأخبار

تُعد قصة بقرة بني إسرائيل واحدة من أبرز القصص المذكورة في القرآن الكريم، حيث تحمل في طياتها معاني الطاعة والامتثال لأوامر الله. تبدأ القصة حين قُتل رجل من بني إسرائيل، ولم يتمكنوا من معرفة القاتل. فلجؤوا إلى نبيهم موسى عليه السلام طالبين منه أن يدعو الله ليكشف لهم الحقيقة. فجاءهم الأمر الإلهي بأن يذبحوا بقرة. لكن بني إسرائيل لم يأخذوا الأمر ببساطة، بل بدأوا في طرح الأسئلة عن مواصفاتها، متسائلين عن عمرها، لونها، وصفاتها المختلفة، حتى شدد الله عليهم الشروط وجعلها بقرة صفراء فاقع لونها، لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث، مسلّمة لا شية فيها. بعد البحث، وجدوا بقرة بالمواصفات المطلوبة لدى فتى بار بوالديه، فاشتروها بثمن مرتفع وذبحوها امتثالًا لأمر الله. بعد ذلك، أمرهم الله أن يضربوا القتيل بجزء منها، فدبّت فيه الحياة من جديد، وأخبرهم عن قاتله، ليكون هذا الحدث معجزة دالة على قدرة الله.

هذه القصة تحمل عبرًا كثيرة، أبرزها أن الامتثال لأوامر الله يجب أن يكون بلا تردد أو محاولة للتهرب أو البحث عن تسهيلات، لأن التشدد في السؤال قد يؤدي إلى التشدد في الحكم. كما أنها تبرز قدرة الله على إحياء الموتى، وهو أمر يحمل دلالة إيمانية عميقة حول البعث بعد الموت.

في الموروث اليهودي، تُعرف البقرة الحمراء باسم “باراه أدوماه” (Parah Adumah)، وهي جزء من طقوس التطهير في الشريعة اليهودية. في التوراة، يُذكر أن البقرة الحمراء يجب أن تكون بلا عيب، ويستخدم رمادها لتطهير الأفراد والأماكن التي تلوثت بالموت. وفقًا للعقيدة اليهودية، فإن هذه الطقوس كانت تُمارس في الهيكل المقدس، ويعتقد البعض أن ظهور بقرة حمراء مطابقة للمواصفات يُعد مؤشرًا على اقتراب بناء الهيكل الثالث، وهو ما يجعلها قضية دينية حساسة.

في العصر الحديث، قامت منظمات يهودية، أبرزها “معهد المعبد” في إسرائيل، بمحاولات لإيجاد باراه أدوماه مطابقة للمواصفات الدينية. ونظرًا لصعوبة العثور عليها في إسرائيل، توجهت الأنظار إلى مزارع في ولاية تكساس الأمريكية، حيث تم استيراد خمس بقرات حمراء إلى إسرائيل عام 2022 ووُضعت في مزرعة خاصة شمالي الأغوار الأردنية. هذه الخطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل المجتمع اليهودي، حيث يرى بعض الحاخامات أن التدخل في هذه المسألة يُعد خروجًا عن النصوص الدينية، بينما يراها آخرون خطوة تمهيدية لبناء الهيكل.

قصة بقرة بني إسرائيل لم تعد مجرد قصة دينية تُروى للعبرة، بل تحولت إلى موضوع يؤثر على الواقع السياسي والديني في المنطقة. فالمعتقدات المرتبطة بها تجعلها جزءًا من النقاشات المتعلقة بالصراع الديني في القدس ومستقبل المنطقة. وهكذا، تبقى هذه القصة مثالًا على كيف يمكن للنصوص القديمة أن تستمر في التأثير على الحاضر والمستقبل.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اهم الاخبار

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا