
لم يكن فوز منتخب الإمارات على منتخب الجزائر في ربع نهائي كأس العرب مجرد عبور إلى نصف النهائي، بل كان رسالة كروية واضحة مفادها أن هذا المنتخب بات يمتلك شخصية تنافسية عالية، وقدرة حقيقية على مقارعة الكبار، مهما كان تاريخهم أو حجم إنجازاتهم.
المنتخب الجزائري، بصفته أحد أكثر المنتخبات العربية تتويجًا بكأس العرب، دخل المباراة بثقل التجربة والإنجازات، لكن منتخب الإمارات دخلها بعقلية مختلفة: عقلية الإصرار، وعدم الاستسلام، واللعب حتى آخر نفس. وهذا ما صنع الفارق.
رغم التأخر في النتيجة، ورغم الضغط المتواصل، ورغم إلغاء هدفين للجزائر، حافظ لاعبو الإمارات على هدوئهم، ولم يفقدوا تنظيمهم ولا ثقتهم. ومع تصاعد الضغط الإماراتي في الشوط الثاني، كان هدف التعادل تتويجًا منطقيًا لعمل جماعي منظم، لا وليد الصدفة.
وفي الأشواط الإضافية، بدا واضحًا أن منتخب الإمارات يزداد صلابة كلما طال زمن المباراة، وكأن اللياقة الذهنية والبدنية كانت جزءًا من الخطة، وليس مجرد تفوق لحظي. وعندما وصلت المباراة إلى ركلات الترجيح، ظهر الفارق الحقيقي:
هدوء، تركيز، ثقة، وشخصية فريق يعرف ماذا يريد.
ركلات الترجيح ليست حظًا كما يقال، بل امتحان للأعصاب، ومن اجتازه بنجاح هو الفريق الأكثر جاهزية نفسيًا. وهنا، نجح منتخب الإمارات في حسم المواجهة أمام منتخب كبير، معتاد على النهائيات والألقاب.
هذا الفوز لا يمكن فصله عن المسار العام لدولة الإمارات نفسها:
خطوات ثابتة، رؤية واضحة، استثمار في الإنسان، وبناء طويل النفس.
كما تخطو الإمارات بثقة في مشاريعها الكبرى وتألّقها العالمي بقيادة محمد بن زايد، يخطو منتخبها الوطني اليوم بثقة على المستطيل الأخضر، مؤكدًا أن الطموح حين يُدار بعقلانية يتحول إلى إنجاز.
ما حققه منتخب الإمارات ليس مجرد تأهل، بل إعلان حضور.
حضور فريق يؤمن بنفسه، يحترم خصومه، ولا يخشى تاريخهم، ويعرف أن كرة القدم تُحسم في الملعب، لا في خزائن البطولات.
الإمارات اليوم لا تلعب فقط من أجل الفوز، بل من أجل ترسيخ هوية جديدة:
هوية المنتخب الذي لا يُستهان به… والذي حين يحين الموعد، يكون في المكان الصحيح.








