منوعات

من بطولة إنسانية إلى عاصفة تخوين… أحمد الأحمد بين إشادة دولية وحملة تشهير عربية بعد هجوم بوندي

تحوّل اسم أحمد الأحمد، خلال أيام قليلة، من نموذج إنساني أشاد به العالم إلى محور جدل واسع وحملة تخوين حادة على منصات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وذلك عقب تدخله البطولي لإنقاذ مدنيين يهود خلال الهجوم الدموي الذي شهده حي بوندي في مدينة سيدني الأسترالية.

الواقعة تعود إلى الهجوم الذي نفذه مسلح خلال احتفال يهودي، حيث بادر أحمد الأحمد، وهو مهاجر من أصول سورية يقيم في أستراليا منذ سنوات، إلى التدخل المباشر رغم خطورة الموقف، وتمكن من الانقضاض على المهاجم وانتزاع سلاحه، في لحظة وُصفت من قبل وسائل إعلام أسترالية ودولية بأنها أنقذت أرواحًا كثيرة ومنعت سقوط حصيلة أكبر من الضحايا. وخلال هذا التدخل، أُصيب الأحمد بجروح خطيرة استدعت نقله إلى المستشفى وخضوعه للعلاج والمتابعة الطبية.

في المقابل، وعلى عكس موجة الإشادة الواسعة التي حظي بها داخل أستراليا وخارجها، حيث وصفه مسؤولون وإعلاميون بأنه “بطل حقيقي” و“نموذج للشجاعة المدنية”، تفاجأ الرأي العام بحملة تخوين وتشويه غير مسبوقة طالت الأحمد في عدد من الصفحات والمنصات العربية، بعد تداول خبر إنقاذه لأشخاص يهود. وذهب بعض المعلقين إلى اتهامه بالخيانة، ووجهوا له عبارات قاسية وصلت حد التمني بعدم شفائه، بل وربط فعله بتأويلات سياسية وأيديولوجية لا علاقة لها بسياق الحادث.

وساهمت هذه الحملة، بحسب متابعين، في تعميق الانقسام حول الواقعة، حيث حاولت أطراف تسييس فعل إنساني بحت، بينما تجاهلت أن تدخل الأحمد جاء في سياق حماية مدنيين عُزّل من خطر داهم، دون اعتبار لانتماءاتهم الدينية أو العرقية. في المقابل، خرجت أصوات عربية وأجنبية تدافع عنه، معتبرة أن إنقاذ الأرواح قيمة إنسانية لا تقبل المساومة ولا ينبغي إخضاعها لمنطق الاصطفافات.

السلطات الأسترالية، من جهتها، تعاملت مع أحمد الأحمد باعتباره أحد أبطال الحادث، حيث تلقى زيارات رسمية وإشادة علنية، كما أُطلقت حملات تضامن وجمع تبرعات لدعمه خلال فترة علاجه، عكست حجم التعاطف الذي حظي به داخل المجتمع الأسترالي. كما شددت وسائل إعلام غربية على أن تدخله شكّل نقطة تحول حاسمة في احتواء الهجوم.

وتعيد هذه الواقعة طرح أسئلة عميقة حول حدود تسييس الأفعال الإنسانية، ودور الخطاب التحريضي على مواقع التواصل في تشويه الوقائع وتحويل البطولة إلى تهمة، في وقت باتت فيه المجتمعات أحوج ما تكون إلى تعزيز قيم حماية الحياة الإنسانية، بعيدًا عن منطق التخوين والشيطنة.

بين إشادة دولية صريحة وحملة تخوين جارفة، يبقى أحمد الأحمد شاهدًا على مفارقة صارخة: كيف يمكن لفعل إنقاذ إنساني أن يُحتفى به عالميًا، ويُهاجم بشراسة في فضاءات افتراضية أسيرة الغضب والانقسام.

جواد مالك

مدير عام و رئيس تحرير جريدة أهم الأخبار الدولية. أمين عام الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب (فرع المملكة المغربية). أمين سر منظمة أواصر السلام العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا