دوليةسياسة

من فضيحة الابتزاز إلى الطرد من البيت الأبيض: القصة الكاملة لصراع ترامب وزيلينسكي

أهم الأخبار

شهدت العلاقات بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محطات صاخبة امتدت لسنوات، بدءًا من فضيحة المكالمة الهاتفية الشهيرة عام 2019 التي أدت إلى مساءلة ترامب في الكونغرس، وصولًا إلى التوتر المتصاعد في لقائهما الأخير عام 2025، الذي انتهى بطرد زيلينسكي من البيت الأبيض. هذه العلاقة المتوترة ألقت بظلالها على السياسة الأمريكية والأوكرانية على مدار أعوام، وكان لها تداعيات دولية كبرى.

في أبريل 2019، تولى زيلينسكي رئاسة أوكرانيا بعد فوزه الساحق في الانتخابات، متعهدًا بمحاربة الفساد وتعزيز العلاقات مع الغرب. في تلك الفترة، كان ترامب يستعد للانتخابات الرئاسية لعام 2020، ووجد في أوكرانيا ساحة معركة سياسية ضد منافسه جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي السابق. هانتر بايدن، نجل جو بايدن، كان عضوًا في مجلس إدارة شركة “بوريسما” الأوكرانية للطاقة، وهو ما استغله ترامب لاحقًا لمهاجمة منافسه السياسي.

بلغت الأزمة ذروتها في 25 يوليو 2019، عندما أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع زيلينسكي، هنأه خلالها على فوزه بالرئاسة، لكنه طلب منه “خدمة” تتعلق بفتح تحقيق حول جو بايدن وابنه. نص المكالمة، الذي نُشر لاحقًا، كشف أن ترامب ربط بشكل غير مباشر تقديم المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا بموافقة زيلينسكي على التحقيق في بايدن. أثارت هذه الواقعة جدلًا واسعًا، وسرعان ما تقدم مسؤول في الاستخبارات الأمريكية بشكوى رسمية، متهمًا ترامب بإساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية.

فتح الكونغرس تحقيقًا رسميًا، وشهدت جلسات الاستماع شهادات عدة مسؤولين أكدوا وجود “مقايضة” بين المساعدات العسكرية وإعلان أوكرانيا عن التحقيق. في 18 ديسمبر 2019، صوت مجلس النواب لصالح عزل ترامب بتهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، لكن مجلس الشيوخ برّأه في 5 فبراير 2020، ليظل في منصبه حتى نهاية ولايته.

بالنسبة لزيلينسكي، وضعته هذه الأزمة في موقف صعب؛ كان بحاجة إلى المساعدات الأمريكية لمواجهة روسيا، لكنه لم يرغب في التورط في الصراعات السياسية الداخلية للولايات المتحدة. حاول زيلينسكي التزام الحياد، مؤكدًا أنه لم يشعر بأي ضغوط مباشرة من ترامب، لكن هذه الأزمة أضعفت موقفه داخليًا وكشفت هشاشة العلاقة بين أوكرانيا وواشنطن.

بعد انتهاء ولاية ترامب وخسارته أمام جو بايدن، هدأت العلاقة بين كييف وواشنطن لفترة، لكن مع تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية، عادت التوترات إلى الواجهة. وعندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، شهدت العلاقات بين الرجلين فصلًا جديدًا أكثر توترًا.

في لقاء جمعهما بالبيت الأبيض، طلب ترامب من زيلينسكي استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية لصالح الولايات المتحدة بقيمة 500 مليار دولار، مقابل استمرار الدعم العسكري الأمريكي لكييف. لكن زيلينسكي رفض العرض، مؤكدًا أن أوكرانيا لن تقدم تنازلات على حساب سيادتها.

المواجهة بين الزعيمين تصاعدت إلى مشادة كلامية أمام وسائل الإعلام، حيث انتقد ترامب موقف زيلينسكي وهدده بتقليص الدعم العسكري، متهمًا إياه بعدم الامتنان للدعم الأمريكي السابق. من جانبه، رد زيلينسكي بحزم، رافضًا تقديم أي تنازلات تحت الضغط، ومشيرًا إلى جرائم الحرب الروسية في بلاده.

بعد هذه المواجهة العلنية، أنهى ترامب الاجتماع بشكل مفاجئ، وأمر بإلغاء المؤتمر الصحفي المشترك. خرج زيلينسكي والوفد الأوكراني من البيت الأبيض دون وداع رسمي، في مشهد اعتبره البعض “إهانة دبلوماسية”.

يرى المحللون أن تصرفات ترامب قد تكون نابعة من رغبته في الانتقام من زيلينسكي، بعدما رفض الأخير التعاون معه خلال فضيحة 2019. كما أن إصرار ترامب على الاستفادة من الموارد الأوكرانية يأتي في إطار توجهه الجديد لإعادة هيكلة العلاقات الدولية وفق رؤية “أمريكا أولًا”، التي قد تفرض شروطًا صارمة على الحلفاء.

هذه الأزمة المتجددة بين ترامب وزيلينسكي تُلقي بظلالها على مستقبل العلاقات الأمريكية-الأوكرانية، في وقت تحتاج فيه كييف إلى دعم دولي متزايد لمواجهة روسيا. ما حدث بين الرئيسين يكشف أن السياسة ليست مجرد تحالفات استراتيجية، بل تتأثر أيضًا بالعلاقات الشخصية والمصالح المتضاربة بين القادة.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اهم الاخبار

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا